أصل قبيلة الحمادي : رحلة عبر الزمن بحثا عن الجذور المتنازع عليها

عناوين رئيسية:
- اللبنة الأولى: الحماديون بين نجد وفارس – الرواية الأوثق
- أصول متشعبة: بين اليمن وصنهاجة وبلي وهمدان – رحلة في تضاريس النسب
- هجرة مصيرية: من خور العديد إلى بر فارس – الماء والخلاف يحددان المسار
- فروع القبيلة وأنسابها: تمازج التاريخ والاندماج (آل بوحمد، اللحمادي، وغيرهم)
- الاستقرار والعودة: تشكل العوائل وانتشارها في ربوع الخليج
- الحمادي في الكويت: من البادية إلى قلب المجتمع الكويتي – قصة اندماج ونجاح
- أعلام وشخصيات: رجال تركوا بصمة في دول الخليج العربي
- السمات والهوية: ما يجمع أبناء الحمادي عبر الحدود
- خلاصة الأصول: بين الروايات المتضاربة والبحث عن القواسم المشتركة
اللبنة الأولى: الحماديون بين نجد وفارس – الرواية الأوثق
تترسخ أكثر الروايات توثيقًا وتواترًا حول أصل قبيلة الحمادي في صميم شبه الجزيرة العربية، تحديدًا في منطقة نجد. تشير المصادر التاريخية والأوراق الثبوتية، كتلك الوثيقة المحورية المتمثلة في رسالة الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني المؤرخة في 4 شعبان 1374هـ (حوالي مارس 1955م)، إلى أن الحماديين (أو الحميديين كما كانوا يُعرفون آنذاك) هم “بطن من جذام”، وهي قبيلة قحطانية عربية عريقة. يؤكد نص الرسالة بوضوح: “أما عن سكانه فالذي اذكر ان اول من سكنه اناس يقال لهم بني حماد والعبيدل وهم حادرين من نجد”، أي أنهم مهاجرون من نجد.
هذا الانتقال الأول لم يكن عبثيًا، بل جاء بحثًا عن الموارد والاستقرار في بداية القرن الثامن عشر الميلادي (حوالي 990هـ وفق بعض الروايات، مع تحفظات على دقة التواريخ المطلقة). واختاروا منطقة “خور العديد”، تلك البقعة الساحلية الاستراتيجية الواقعة على الساحل الغربي للخليج العربي، عند الحدود الفاصلة بين قطر والإمارات العربية المتحدة حاليًا. سكنوا هناك لسنوات، جيرانًا لقبيلة العبادلة (من عبدة شمر)، الذين سبقوهم إلى المنطقة. ويبدو أن العلاقات بين الجارين بدأت طيبة، إلى أن تدخل عامل حاسم غير مجرى التاريخ القبلي في تلك المنطقة.
أصول متشعبة: بين اليمن وصنهاجة وبلي وهمدان – رحلة في تضاريس النسب
في الوقت الذي تقدم فيه الرواية النجدية/الجذامية كأكثر الروايات توثيقًا بوثائق مثل رسالة آل ثاني، يظل عالم أنساب القبائل العربية مليئًا بالتداخلات والروايات المتعددة. لا تخلو قبيلة الحمادي من هذا التنوع في ادعاءات النسب، مما يضفي على تاريخها غموضًا وجاذبية، ويعكس سعة انتشارها وتفاعلها مع محيطها:
- اليمن (مأرب وهمدان): تزعم روايات قوية أن جذور الحمادي تعود إلى اليمن السعيد. يحدد البعض ذلك بمنطقة مأرب التاريخية، بينما يربطهم آخرون مباشرة بقبيلة همدان اليمنية العظيمة. ويدعم وجود تجمعات كبيرة ومعروفة للحمادي في محافظات يمنية مثل الجوف، صنعاء، عمران، صعدة، وحرف سفيان، بل وفي عزلة تحمل اسمهم في المواسط بتعز، هذه الرواية. وتتحدث مصادر يمنية عن هجرة قديمة لبطون من الحمادي من مأرب وتوزعهم في اليمن.
- صنهاجة الأمازيغية (المغرب العربي): تطرح رواية أخرى، ذات طابع مختلف، أن الحماديين هم فرع من قبيلة صنهاجة الأمازيغية الكبرى التي لعبت دورًا محوريًا في تاريخ المغرب والجزائر. ويستند هذا الادعاء إلى وجود سلالة حاكمة تاريخية عُرفت باسم “الحماديون” أو “بني حماد” (1007-1152م) في المغرب الأوسط (الجزائر حاليًا)، أسسها حماد بن بلكين الصنهاجي. غير أن الربط بين هذه السلالة الأمازيغية وقبيلة الحمادي الخليجية العربية يبقى افتراضيًا وضعيف الإثبات، ولا توجد أدلة وثائقية أو جينية تربط بينهما بشكل مباشر، وغالبًا ما يكون التشابه في الاسم هو الدافع وراء هذه الرواية.
- بلي (قحطان – السعودية): تظهر رواية أخرى تربط الحماديين بقبيلة بلي، وهي قبيلة عربية عدنانية (أو قحطانية وفق بعض الأنساب) تسكن بشكل رئيسي في شمال وغرب السعودية. وتنسب بلي نفسها إلى قحطان. هذه الرواية أقل انتشارًا وأدلتها ضعيفة مقارنة بالروايتين النجدية واليمنية.
- الحميديون في الجزيرة العربية: تتداخل هذه الرواية مع الرواية النجدية، حيث تشير إلى أن الحماديين هم بطن من بني حميد (الحميديين) المنتشرين في أنحاء من الجزيرة العربية، وينسبون إلى حمد بن حميد. وهذا يتوافق مع ما ورد في الرسالة التاريخية عن كونهم “حميديين حادرين من نجد”.
خلاصة التشعب: هذا التعدد في الروايات ليس بالضرورة تناقضًا مطلقًا، بل قد يعكس عدة احتمالات: اندماج أصول متعددة تحت مسمى “الحمادي” عبر الزمن، هجرات متفرقة لبطون تحمل الاسم من مناطق مختلفة، أو حتى أخطاء في الرواية الشفهية وتأثرها بالتحالفات السياسية والجغرافية على مر القرون. يبقى التنقيب في الأرشيفات والوثائق العثمانية والبريطانية ودراسات الحمض النووي (DNA) من الآليات المهمة لفك هذا الاشتباك في المستقبل.
هجرة مصيرية: من خور العديد إلى بر فارس – الماء والخلاف يحددان المسار
بعد سنوات من الاستقرار النسبي في خور العديد، اندلع شجار قبلي كبير كان له الأثر الحاسم في تشكيل هوية ومسار قبيلة الحمادي. تفيد الروايات التاريخية المتواترة، ومن بينها نص رسالة الشيخ عبدالله آل ثاني، أن سبب الخلاف كان حول بئر ماء واحد في منطقة شحيحة الموارد. يقول نص الرسالة: “وجرى بينهم نزاع وتطور الى قتال بينهم وبعد ذلك خافوا ورحلوا”. وتفصيلاً، يُذكر أن كثرة أعداد الإبل والغنم لدى القبيلتين (الحمادي والعبادلة)، مقترنة بشح المياه وندرة المراعي، أدت إلى توترات تصاعدت حتى وصلت إلى مواجهات مسلحة.
في حوالي عام 1110هـ (ما يقارب 1698م – مع تحفظ على الدقة المطلقة)، اتخذ شيوخ بني حماد وزعماؤهم قرارًا مصيريًا: الهجرة الجماعية من العديد. لم يكن الرحيل سهلاً، فقد استقلوا السفن الشراعية من ميناء طبيعي قريب يُعرف برأس أبو عبود في قطر. والأهم من ذلك، أنهم لم يكونوا وحدهم. انضم إليهم في رحلتهم هذه “جمع كبير من البدو سكان المنطقة، وهم من قبائل شتى”، على رأسهم شيخ يُدعى حاتم بن حمود. شكل هذا التحالف القبلي المتنوع قوة بشرية كبيرة مهاجرة.
اتجهت سفنهم شرقًا عبر مياه الخليج العربي نحو “بر فارس”، وهو الساحل الشرقي للخليج (محافظة هرمزغان الإيرانية حاليًا). وكانت أول محطة استقرار لهم في منطقة تدعى “الأبديات”، تقع شرقي رأس أبا علي (رأس الابزالي) بين قريتي نخيلوه و الجزة الفارسيتين. بعد سنوات في الأبديات، بدأ التوزع: استقر بني حماد (آل بوحمد) بشكل رئيسي في قريتي الجزة و المجاحيل، بينما توجه “البدو” (القبائل المرافقة) بقيادة حاتم بن حمود إلى نخيلوه. وهكذا، بدأت صفحة جديدة من تاريخ القبيلة على الضفة الأخرى للخليج.
شجرة عائلة الحمادي
لم تكن فترة الاستقرار في بر فارس مجرد إقامة، بل شهدت تطورات داخلية عميقة في بنية القبيلة وعلاقاتها، أنتجت فروعًا وأنماطًا من الانتماء:
- آل بوحمد (الأساس النجدي): وهم نواة القبيلة الأصلية المنحدرة من نجد. يرجع نسبهم إلى حمد بن الأحميدي الجذامي. أنجب حمد ثلاثة أبناء: محمد، عبدالله، وحميد. من هؤلاء الأبناء تشعبت الأسر الرئيسية:
- عبدالله بن حمد: لم يعقب ذكورًا (ذُكر أنه كان “مختل العقل”)، وتوفي في الجزة وله ابنة واحدة، يُنسب إليها آل بهزاد.
- حميد بن حمد: أنجب حسين وحمد. انتقل حسين مع أمه (بعد وفاة أبيه) إلى قرية “حاله نابند”، وهم أصل الحماديين هناك. أما حمد بن حميد، فقد بقي في الجزة، وهم أصل الحماديين فيها.
- محمد بن حمد: الأكثر شهرة وثراءً. انتقل بعد وفاة والده مع أخيه حسين وبعض الأصحاب إلى قرية مرباخ، حيث بنى قلعته الشهيرة (قصر مرباخ) وأصبح حاكمًا مؤثرًا. عُرف أبناؤه (علي، حسن، حسين، عبدالله) بآل حميدي. هذا الفرع هو الأكثر ارتباطًا بقيادة القبيلة لاحقًا.
- اللحمادي (المنضمون في فارس): خلال فترة حكم بني حماد في بر فارس، خاصة في مرباخ، انضم إليهم وأنتسب تحت لوائهم أفراد وعشائر من قبائل عربية أخرى ساكنة في المنطقة أو هاجرت معهم. هؤلاء لم يكونوا من صلب بني حماد النجديين الأصليين، لكن العلاقة بينهم وبين شيوخ بني حماد كانت قوية، تقوم على التحالف العسكري والمصاهرة والاندماج التدريجي تحت المظلة القبلية الواحدة. سكنوا مناطق مثل رستاق وبوجير. مصطلح “لحمادي” يميزهم عن “بنو حماد” الأصليين، لكنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للقبيلة اليوم.
- العرب المنضمون (مصدر قوة وفخر): وهنا يبرز تميز قبيلة الحمادي في قدرتها على الاستيعاب. انضم تحت اسمها في فترات مختلفة (بعضهم في فارس، وبعضهم بعد العودة إلى الخليج) رجال من قبائل عربية معروفة ومحترمة مثل الدواسر، بني خالد، آل حرم، المرازيق (بعضهم)، بني بشر، بني تميم، بني مالك. يرى أبناء القبيلة هؤلاء المنضمين “عرب أقحاح” ومصدر فخر وقوة لها. وأصبحوا يُعرفون بالحمادي. وأكدت الروايات على أهمية أن يُعرفوا ببساطة كـ “الحمادي” دون إضافة نسبهم الأصلي (مثل “الخالدي الحمادي”) للحفاظ على الوحدة وعدم إحداث تفرقة.
- الحماديون الذين لم يهاجروا إلى فارس: عند هجرة الأغلبية من العديد إلى فارس، بقي قسم من أبناء القبيلة في الجزيرة العربية. استقر معظمهم في رأس الخيمة وأبوظبي، وتوزع البعض الآخر في أنحاء شبه الجزيرة بحثًا عن حياة أفضل. يُعتقد أن هؤلاء هم الأقدم تواجدًا في الإمارات وقطر، وأحيانًا ما يُشار إلى أن من ينفي انتماءه المباشر لفرع الشيخ داود (المرتبط بالهجرة لفارس) قد يكون من هذا الفرع. لهم تواجد ملحوظ أيضًا في عمان والسعودية واليمن.
- المنتسبون حديثًا (في الإمارات خاصة): تذكر بعض الروايات الشفهية وجود فئة انتسبت إلى الحمادي في دولة الإمارات العربية المتحدة (خاصة الشارقة) في فترات متأخرة، دون وجود صلات نسب أو تاريخ مشترك حقيقي مع القبيلة الأصلية. وتُذكر أمثلة مثل بعض المنحدرين من أصول بلوشية أو ميناوية (من ميناب الإيرانية). هذا الفرع هو الأحدث والأقل ارتباطًا بالأصول التاريخية للقبيلة، وغالبًا ما يرتبط بحصول هؤلاء الأفراد على الجنسية.
الاستقرار والعودة: تشكل العوائل وانتشارها في ربوع الخليج
شكلت فترة الحكم في بر فارس، خاصة في مرباخ تحت قيادة محمد بن حمد وأبنائه، العصر الذهبي للقبيلة من حيث القوة والنفوذ. بنوا القلاع (مثل قصر مرباخ الشهير) وسيطروا على مناطق واسعة وجزر. عُرفوا بالشجاعة والكرم والعدل، مما جعل الناس تتبعهم. كانت لهم صولات وجولات في الحروب والغزوات، وذاع صيتهم. غير أن هذه الفترة لم تدم للأبد. تعرضوا لمضايقات متزايدة من الحكام الفرس، مما دفع الأغلبية، بمن فيهم الشيوخ، إلى اتخاذ قرار العودة إلى الضفة العربية للخليج في نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر.
العودة والتوزع:
- استقر معظم العائدين، خاصة الشيوخ، في أبوظبي ورأس الخيمة وبقية إمارات الساحل المتصالح (الإمارات اليوم).
- استقر قسم آخر في قطر (مثل عائلة الملا الحمادي في قطر والمنطقة الشرقية بالسعودية).
- توجه بعضهم إلى البحرين.
- كما استقر البعض في الرياض والكويت.
- ظل تواجد في بر فارس، خاصة في المناطق التي استقروا فيها أصلاً مثل الجزة والمجاحيل.
تشكل العوائل والألقاب:
نتيجة لهذا الانتشار الواسع، تشكلت عدة ألقاب عائلية:
- الحمادي: هو اللقب الأكثر شيوعًا والأوسع انتشارًا، ويشمل غالبية أفراد القبيلة في جميع مناطق تواجدهم (الإمارات، قطر، السعودية، الكويت، البحرين، عمان، اليمن).
- الملا (في قطر والشرقية): أسرة دينية وعلمية معروفة في قطر ومنطقة الأحساء، تنسب إلى الشيخ مالك الحمادي (جدهم) الذي عُرف بالتقوى والهدوء والحكمة، فلقب بـ”الملا”.
- بني حماد: يُستخدم أحيانًا، خاصة في الإمارات، للإشارة إلى الفرع الرئيسي أو كمرادف للحمادي.
أصبح الشيخ داود بن سليمان بن محمد الحمادي شيخًا عامًا للقبيلة في الوقت الحالي، وهو على تواصل مع أبناء القبيلة في مختلف الدول.
الحمادي في الكويت: من البادية إلى قلب المجتمع الكويتي – قصة اندماج ونجاح
تمثل هجرة و استقرار فرع الحمادي في الكويت نموذجًا متميزًا للاندماج والنجاح داخل مجتمع خليجي حديث. بدأت هجرتهم بشكل أساسي في عهد الشيخ محمد بن صباح الصباح (الحاكم قبل الشيخ مبارك الصباح). وفق الروايات، بدأت بقرار ثلاثة شباب من أبناء القبيلة (تربطهم صداقة وأخوة دم) الهجرة مع زوجاتهم وأطفالهم الصغار إلى الكويت، طلبًا لفرص معيشية أفضل، حوالي عام 1895م.
طبيعة الهجرة والاستقرار:
- كانت موجات الهجرة متتالية، حيث لحق بالرواد الأوائل الكثير من أبناء عمومتهم من الإمارات وقطر.
- استقر معظمهم في بداية الأمر في منطقة شرق في مدينة الكويت، والقليل في جبلة.
- تزامنت هجرتهم مع فترة ازدهار نسبي في الكويت تحت حكم الشيخ مبارك الصباح، الذي فتح أبواب البلاد للوافدين من أبناء الجزيرة العربية للعمل، في وقت كانت فيه الظروف المعيشية صعبة في العديد من مناطق الخليج، ولم تكن هناك حدود صارمة أو جنسيات بالمعنى الحديث.
- استمرت موجات الهجرة حتى حوالي عام 1960م.
التحول والاندماج:
- على الرغم من أصولهم البدوية الرحالة، فإن استقرارهم في الكويت لأكثر من جيل (أربعة أجيال أو أكثر للبعض) أحدث تحولًا جذريًا.
- تمدنوا: تعايشوا مع المجتمع الكويتي الحضري، وتبنوا عاداته وتقاليده وأسلوب حياته.
- أصبحوا كويتيين: تطور شعور قوي بالانتماء إلى الكويت كوطن. حتى مع ظهور فرص كبيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة بعد اتحادها عام 1971م، فضل الكثيرون ممن ولدوا وترعرعوا في الكويت ولم يعرفوا وطنًا آخر البقاء فيها. يُعرفون الآن بـ “حمادية الكويت”.
- تشتت العوائل ووحدة الأصل: مثل العديد من الأسر ذات الأصول القبلية في المدن، أصبحت عوائل الحمادي في الكويت متفرقة، لكن ما زال يجمعهم الأصل القبلي المشترك، ووشائج الدم، وتاريخ الأجداد، والعلاقات الاجتماعية الممتدة.
إسهامات في بناء الكويت:
برز أبناء الحمادي في الكويت في شتى المجالات، مساهمين في بناء الدولة الحديثة:
- التجارة والصناعة: العمل في التجارة الحرة، والملاحة البحرية.
- قطاع النفط: العمل في شركة نفط الكويت منذ تأسيسها.
- السلك العسكري والأمني: انخراط ملحوظ منذ بدايات تأسيس الجيش والشرطة الكويتية.
- الوظائف الحكومية: في مختلف الوزارات والمؤسسات.
- القضاء والنقابات والتعليم والشؤون الدينية: تقلدوا مناصب قيادية ومهنية رفيعة.
يسكن أبناء الحمادي اليوم في مختلف مناطق ومحافظات الكويت، وهم عائلات كثيرة العدد، على تواصل مع أبناء عمومتهم في الدول الأخرى، وخصوصًا الإمارات، ومع شيخ القبيلة العام الشيخ داود الحمادي.
أعلام وشخصيات: رجال تركوا بصمة في دول الخليج العربي
برز من قبيلة الحمادي، عبر فروعها المنتشرة، عدد كبير من الرجال الذين تركوا أثرًا واضحًا في مجتمعاتهم ودولهم، شهدت لهم المواقع القيادية والإنجازات الملموسة:
- في الإمارات:
- الشيخ داود بن سليمان بن محمد الحمادي: شيخ قبيلة بني حماد العام الحالي، رمز الوحدة والتواصل للقبيلة.
- علي الشرفا الحمادي: شغل منصب مدير ديوان رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله)، وكان من المقربين جدًا له، كما تظهر الصور التاريخية.
- حسن علي صالح الحمادي: يشغل منصب نائب رئيس طيران الاتحاد في أبوظبي، منصب قيادي في إحدى أهم شركات الطيران العالمية.
- العميد حسين الحمادي: ضابط كبير في السلك العسكري الإماراتي.
- المعلق الرياضي العربي الشهير عدنان حمد الحمادي: صوته مألوف لمحبي كرة القدم في العالم العربي.
- في الكويت:
- أحمد سلطان الحمادي: رئيس نقابة العاملين في شركة نفط الكويت.
- المرحوم عبدالله الصالح الحمادي والمرحوم صالح عبدالله الصالح الحمادي: عملا في شرطة الكويت والسلك العسكري.
- العقيد بدر صالح محمد سالم الحمادي: مساعد مدير عام الإدارة العامة للهجرة.
- المرحوم محمد عبدالله الحمادي: عمل بشركة نفط الكويت منذ صغره وتدرج حتى تقاعد.
- المستشار صالح عبدالله الحمادي: رئيس محكمة الوزراء.
- ابراهيم حسن أحمد الحمادي، محمد حسن أحمد الحمادي، علي حسن أحمد الحمادي: من سكان جبلة.
- العم يوسف حسن عبدالله الحمادي: من الرواد (مواليد 1939 منطقة شرق).
- في السعودية:
- فيصل بن سالم بن محمد بن يوسف بن حمد بن مالك الحمادي: عمل بشركة أرامكو السعودية وتدرج فيها حتى تقاعد.
- أحمد بن محمد بن يوسف الملا الحمادي (رحمه الله): تاجر سعودي معروف من المنطقة الشرقية.
- في قطر:
- حسن بن محمد بن حسن الحمادي: من سكان الوكرة، عمل في شركة النفط القطرية منذ عام 1950 حتى تقاعده.
هذه الأمثلة ليست سوى غيض من فيض، إذ يتواجد أبناء الحمادي المبدعون في كل مرافق ومؤسسات دول الخليج، يخدمون أوطانهم بكل إخلاص في مجالات السياسة والاقتصاد والعسكرية والثقافة والإعلام والعلوم.
السمات والهوية: ما يجمع أبناء الحمادي عبر الحدود
رغم الانتشار الجغرافي الواسع والتمايز الطبيعي الناتج عن الاندماج في مجتمعات مختلفة، تظل هناك سمات مشتركة يذكرها أبناء القبيلة وينسبونها إلى أصولهم وتراثهم:
- البساطة وعدم حب المظاهر والبذخ: يُنظر إلى البساطة في العيش وعدم التباهي بالماديات كقيمة أصيلة.
- الطيب والكرم: يُشيد بكرم الضيافة وحسن المعاملة كسمة بارزة.
- الروح المرحة: يُذكر التفاؤل وحب الدعابة والمرح كجزء من الشخصية الجماعية.
- الصرامة وقت الجد: القدرة على التحول إلى الجدية والحزم والثبات عند مواجهة التحديات أو الدفاع عن المبادئ والمصالح.
- الحفاظ والالتزام بالدين: يُنظر إلى التمسك بالدين الإسلامي وقيمه كأمر أساسي في الهوية.
هذه السمات، وإن كانت قد تتفاوت في تجلياتها من فرد لآخر ومن فرع لآخر، تشكل معًا جزءًا من النسيج الثقافي المشترك الذي يعزز الإحساس بالانتماء إلى كيان قبلي واحد يتجاوز الحدود السياسية. كما أن التواصل المستمر، سواء عبر المشيخة العامة أو عبر الروابط الأسرية والاجتماعية الخاصة، يساهم في الحفاظ على هذه الهوية المشتركة.
خلاصة الأصول: بين الروايات المتضاربة والبحث عن القواسم المشتركة
تظل مسألة تحديد “أصل قبيلة الحمادي” بدقة مطلقة مسألة معقدة، تتقاطع فيها الروايات وتتباين الأدلة. غير أن القراءة المتأنية للتاريخ والأنساب تسمح باستخلاص عدة نقاط جوهرية:
- الرواية النجدية/الجذامية: تبرز كالأكثر قوة وتواترًا وتوثيقًا بوثائق تاريخية محورية مثل رسالة الشيخ عبدالله آل ثاني. هجرة بطن من جذام من نجد إلى خور العديد ثم إلى بر فارس تشكل العمود الفقري للرواية التاريخية الأكثر رسوخًا.
- الوجود اليمني الكثيف: لا يمكن تجاهله أو إنكاره. يشير بقوة إلى هجرات يمنية قديمة (ربما من مأرب أو همدان) شكلت نواة أو انضمت لاحقًا تحت المسمى الحمادي في اليمن. قد يكون هذا الفرع مستقلًا نسبيًا عن الفرع النجدي، أو قد تكون هناك صلات قديمة ضاعت في غياهب الزمن.
- رواية صنهاجة: تبقى الأضعف إثباتًا والأبعد احتمالية. التشابه في الاسم بين السلالة الحمادية الأمازيغية وقبيلة الحمادي الخليجية العربية لا يكفي لبناء رابطة نسب قوية دون أدلة وثائقية أو جينية قاطعة. السياقات التاريخية والجغرافية مختلفة تمامًا.
- رواية بلي والحُميديين: تتداخل جزئيًا مع الرواية النجدية، خاصة فيما يتعلق بالحميديين. قد تشير إلى تحالفات قديمة أو انضمام بطون، لكنها لا تنفي أصل جذام.
- طبيعة القبائل المتطورة: من المهم فهم أن القبائل العربية كيانات ديناميكية. الاندماج، الانضمام، التحالفات، والهجرات المستمرة هي سمات أساسية في تكوينها. اسم “الحمادي” قد يكون شمل على مر القرون أصولًا متعددة اندمجت تحت قيادة أو حماية أو جغرافية مشتركة.
- الوثائق والمستقبل: يبقى الرجوع إلى المصادر الموثوقة (الوثائق العثمانية، البريطانية، الأرشيفات المحلية، سجلات المحاكم الشرعية القديمة، المخطوطات) والدراسات الأكاديمية الجادة، وربما دراسات الحمض النووي (DNA) للمقارنة بين الفروع المختلفة، هو الطريق الأكثر وضوحًا لفك التشابك في نسب الأصول البعيدة.