‏”قطر كانت نقطة التحول”: كيف أشعل قصف إسرائيل للدوحة عملية السلام


تُعدّ جولة الرئيس دونالد ترامب المقبلة في الشرق الأوسط تتويجًا لخمسة أسابيع من الجهود الدبلوماسية التي تسارعت وتيرتها في لحظة بدت فيها فرص السلام شبه معدومة.

فبعد أن قصفت إسرائيل الدوحة في أوائل سبتمبر، أرادت قطر — التي كانت الوسيط الرئيسي بين إسرائيل وحماس — الانسحاب من عملية السلام، بحسب ما قال مسؤول رفيع في البيت الأبيض مُنح صفة عدم الكشف عن هويته للحديث عن الجهود الدبلوماسية.

وسرعان ما وجّه ترامب، الذي تربطه علاقة طويلة الأمد بالقطريين، انتقادًا حادًا ومفاجئًا للهجوم الإسرائيلي، ثم قدّم ضمانة أمنية غير مسبوقة تأكيدًا لوعده بأن مثل هذا الهجوم لن يتكرر مرة أخرى.

كما وجّه ترامب في الوقت ذاته غصن زيتون علنيًا بالتوازي مع مساعٍ خاصة من إدارته للتواصل مع قطر ودول عربية أخرى.

وجادل المسؤولون الأمريكيون في تلك المباحثات، بأن هجوم الدوحة أتاح فرصة جديدة لممارسة ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال المسؤول الرفيع في البيت الأبيض: “أصبح الرئيس أكثر مباشرة وحدة في مواقفه، وازدادت الحاجة الملحّة للتوصل إلى اتفاق سلام بعد ضربة الدوحة، وقد مكّن ذلك الرئيس من ممارسة أقصى درجات الضغط على إسرائيل، وهو ما فعله فعلًا، وهذا أجبر إسرائيل على القبول بخيار السلام”.

ويبرز الضغط المتزايد الذي مارسه ترامب على إسرائيل خلال الأسابيع الخمسة الماضية، بما في ذلك دفعه نتنياهو إلى الاتصال بقطر والاعتذار رسميًا من داخل المكتب البيضاوي، التحول الكبير في موقف الرئيس من حرب غزة منذ توليه المنصب.

فقد انتقل ترامب في غضون أشهر قليلة، من اقتراح “إخلاء غزة لإفساح المجال أمام عقارات باهظة الثمن” ومنح إسرائيل الضوء الأخضر لتدمير القطاع، إلى المطالبة بانسحاب قوات الدفاع الإسرائيلية وإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين مقابل عشرين رهينة إسرائيلية.

وقال شخص مقرّب من البيت الأبيض، مُنح بدوره صفة عدم الكشف عن هويته: “كانت الضربة الفاشلة ضد قطر نقطة التحول، فقد استطاع الرئيس ترامب استغلالها كورقة ضغط، ليس فقط لإجبار بيبي على الاعتذار لرئيس وزراء قطر، بل أيضًا لدفعه نحو إنهاء الحرب”.

ورغم ذلك، يحقق اتفاق السلام المؤلف من عشرين بندًا العديد من أهداف إسرائيل، فمن المقرر أن يعود بقية الرهائن إلى ديارهم، ويتضمن الاتفاق تفويضًا بنزع التطرف من غزة وتشكيل هيئة حاكمة خالية من حركة حماس، وهما عنصران أساسيان في المطالب الإسرائيلية، لكن يمنح الاتفاق عناصر حماس عفوًا، كما لن تظل إسرائيل صاحبة السيطرة على قطاع غزة.

والتقى ترامب في نهاية الشهر الماضي، قادة عربًا ومسلمين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتعهد بألا يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية.

وقال المسؤول الرفيع في البيت الأبيض: “كانت تلك لحظة محورية أخرى، حيث جرت في تلك القاعة مناقشات حقيقية حول تفاصيل ما يمكن أن يبدو عليه اتفاق السلام”.

وقد صرّح ترامب بأن “سلامًا أبديًا” بات في متناول اليد، غير أن الأجواء داخل البيت الأبيض أكثر حذرًا، إذ يدرك كبار المسؤولين أن أي هدنة تبقى هشة للغاية.

ولا يعتزم الرئيس حضور مراسم الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، رغم أن تلك اللحظة ستكون مؤثرة بلا شك، فحالة الرهائن قد تعيد إشعال التوترات ضمن اتفاق السلام الهش أصلًا، لكن عامين من الأسر جعلت البعض ينظرون بواقعية قاتمة إلى ما هو قادم.

وقال مسؤول سابق في وزارة الخارجية خدم خلال الولاية الأولى لترامب، طالبًا عدم الكشف عن اسمه: “هذا الاتفاق تبلور قبل عشرة أيام فقط، وهذه المدة لا تكفي لتحويل بشر عاشوا على حافة المجاعة وظلوا تحت الأرض لعامين إلى أشخاص يظهرون بمظهر الأصحاء”.

ومن المقرر أن يلقي ترامب كلمة أمام الكنيست في إسرائيل يوم الاثنين بعد توقف قصير في مصر، وتأتي زيارته بينما يشيد خصومه ومؤيدوه في إسرائيل على حد سواء بجهوده لإعادة الرهائن وإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين، لكن مسؤولي الإدارة وحلفاء ترامب يحذرون من أن الكثير ما زال يمكن أن ينهار.

وقال يوناثان كونريكوس، المتحدث السابق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي وزميل أول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات “الرهائن هم الصورة الوحيدة الفورية ذات المكسب السياسي هنا، وبعد ذلك، ستبدأ فترة طويلة من المفاوضات والأنشطة العسكرية والدعايات والكثير من التفاصيل المرهقة الدقيقة، ولست متأكدًا تمامًا أن الرئيس يرغب بالمشاركة في ذلك، فبناء الدول عملية فوضوية ومكلفة تتطلب موارد ضخمة”.

المصدر : بوليتيكو الاميركية

Exit mobile version