قبيلة بني حميدة : سيرة قبيلة عربية عريقة تركت بصمات راسخة في تاريخ الأردن

تُعتبر قبيلة بني حميدة من أبرز وأقدم القبائل العربية التي استوطنت أرض الأردن، تاركةً بصمات واضحة في مختلف مراحل تاريخ المملكة. يمتد تاريخ هذه القبيلة العريقة إلى قرون خلت، وقد عُرفت عبر العصور بقوتها وشجاعتها وبدورها المؤثر في الأحداث التي شهدتها المنطقة. إن استعراض تاريخ بني حميدة هو في حقيقته استعراض لجزء هام من تاريخ الأردن الاجتماعي والسياسي.
جذور بني حميدة: رحلة عبر الأنساب والتاريخ
تُجمع المصادر التاريخية والرويات الشفهية على عراقة نسب قبيلة بني حميدة. فقد أشار المؤرخ القلقشندي إلى قبيلة تحمل اسم “الحميديين” كأحد بطون جذام، وهي قبيلة عربية قحطانية ذات تاريخ مجيد. كما ورد ذكر قبيلة أخرى باسم “الأحامدة” من جرم من طيء في كتاب “سبائك الذهب” للسويدي. وثمة إشارة أخرى إلى قبيلة “الحميد” كإحدى بطون قبيلة هوازن العدنانية المعروفة في صدر الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، يُذكر أن “حميدة بنت النعمان بن بشير” كانت شاعرة عربية مشهورة من الأنصار.
بالرغم من تعدد هذه الإشارات، فإن الرواية الأكثر شيوعًا وتأييدًا لدى أبناء القبيلة تشير إلى أنهم ينحدرون من بطن “الحميديين” الذي يعود بنسبه إلى “جذام”. ويستندون في ذلك إلى رواية مفادها أنهم قدموا من وادي السياح الواقع شمالي الحجاز، وكانوا أربعة أخوة هم: فاضل، وتايه، وذويب، وقبلان، برفقة مجموعة من أقاربهم. وتعزز هذه الرواية نخوتهم الشهيرة التي تثير فيهم الحمية والاعتزاز، وهي “ولد السياح”، والتي تشير بوضوح إلى أصولهم وموطنهم الأول.
بدأت رحلة استقرارهم في الأردن بالنزول في منطقة الكرك جنوب البلاد، ثم ارتحل قسم منهم لاحقًا إلى منطقة البلقاء، ليؤسسوا بذلك حضورًا قويًا في كلتا المنطقتين.
نفوذ وسيطرة: بني حميدة وقوة الماء في الصحراء
لم تقتصر أهمية بني حميدة على عراقة نسبهم وشجاعتهم فحسب، بل امتدت لتشمل نفوذهم وسيطرتهم على مناطق استراتيجية في الأردن. فقد كانت القبيلة تاريخيًا تسيطر على أكبر تجمعيين للمياه في صحراء الأردن، وهما وادي الموجب ووادي الوالة والهيدان. هذه السيطرة على مصادر المياه الحيوية أكسبتهم قوة ونفوذًا كبيرين بين القبائل الأخرى في المنطقة، خاصة في ظل الظروف المناخية الصحراوية التي تجعل الماء سلعة ثمينة وضرورية للحياة.
ألقاب وعزاوي بني حميدة: تعبير عن القوة والمكانة
عُرفت قبيلة بني حميدة بألقاب وعزاوي مميزة تعكس قوتها وبأسها ومكانتها بين القبائل العربية. من أبرز هذه الألقاب والعزاوي:
- ذباحت الدول: وهو لقب مشهور سيتم تفصيله لاحقًا.
- عيال السياح: إشارة إلى أصلهم من وادي السياح في الحجاز.
- صبيان السكاره: وهو عزو يعبر عن شجاعتهم واندفاعهم في المعارك، وكأنهم لا يهابون شيئًا.
التعداد السكاني: ثقل ديموغرافي في الأردن
يُقدر بعض الباحثين والمهتمين بشؤون العشائر الأردنية أن قبيلة بني حميدة تُعد ثاني أكبر عشيرة في الأردن من حيث التعداد السكاني، حيث يبلغ عدد أفرادها ما يقارب النصف مليون نسمة. هذا التعداد الكبير يعكس الامتداد الجغرافي للقبيلة وتفرعاتها الكثيرة في مختلف مناطق المملكة.
عشائر بني حميدة: تفرعات وامتدادات جغرافية
تتكون قبيلة بني حميدة من عدة عشائر رئيسية وفروع أصغر، تنتشر في محافظات مختلفة من الأردن:
- عشيرة نفر: يُعتقد أنها أحد بطون جذام التي قدمت من وادي السياح في الطائف شمالي الحجاز. تستقر فروع من هذه العشيرة في محافظة مادبا.
- عشيرة الفواضلة: تنتسب إلى جدهم فاضل، وهو أحد الأخوة الأربعة القادمين من الحجاز. استقر فاضل أولاً في غور الطفيلة جنوب الأردن، ثم انتقل مع رجاله إلى أراضي الجبل في جنوب مادبا. تنقسم الفواضلة إلى عدة فرق: البريزات، العجالين، الهاشم، السلمان، الشبيلات، القطيش، الطوالبة، النوافعة، الخضور، السمارات، الهواوشة، الصبيحات، والقبيلات (تحالف).
- عشيرة القبيلات: تنتسب إلى جدهم قبلان، وهو أحد الأخوة الأربعة. يُعتبرون أول عشيرة سكنت الكرك وجبل بني حميدة. اشتهر شيخهم قبلان بنفوذه وسطوته بين عشائر البلقاء وقبيلة بني صخر. تنقسم القبيلات إلى فرق: الرشيد، الحمامصة، الهديب، الخنزراوية، والسمور. وتنتشر منازل هذه الفرق في مليح ووادي الهيدان وجبل بني حميدة.
- عشيرة التوايهة: تنتسب إلى جدهم تايه، وهو أخو فاضل الذي قدم معه من الحجاز. ينقسمون إلى فرق: الهروط، الفقهاء (وينقسمون إلى البشير، والنصيرات، والناصر، والمعيوف)، والذويبات (وهم أربعة فرق: القعايدة، والربطة، والشورة، والمحاسنة). يسكنون في دلاغة ومكاور والدير والجبل ووادي الهواما ووادي الشجرة وعطروز.
- عشيرة اللبادنة: ينتسبون إلى جدهم “أبو ربيحة”، الذي جاء مع فاضل من الحجاز. تتفرع من هذه العشيرة:
- اللونسة: نسبة إلى يونس بن أبي ربيحة، ويتفرع منهم اللونسة والإبراهيم والمشاعلة والذيبات والمغامس والملحان والأخطبة.
- الرواشدة: ينتسبون إلى جدهم راشد بن أبي ربيحة وينقسمون إلى ثلاث حمايل: الرواشدة، والخطاب، والنصر.
- الشراونة: أبناء إسماعيل بن أبي ربيحة، وهم أربع حمايل: الربيحات، والسنيّد، الشياب، والعبيدات. تحالفت مع هذه العشيرة حمولتان: الهواوشة (وهم غير الهواوشة المذكورين سابقًا، وينقسمون إلى الهواوشة والحويان)، والحيصة (فرع من عشيرة الحيصة بالكرك وهم من الشرارات من بني كلب، ويتألفون من العواد، والنصيرات، والكواملة، والعوايدة).
- الحواتمة: ينتسبون إلى جدهم حاتم، الذي قدم مع فاضل من الحجاز. تنقسم هذه العشيرة إلى فريقين: الطعمة والحماد، وانضم إليهم حامولة الزعيرات. تسكن هذه العشائر في الشقيق والكورة والمثلوثة والتقيبات والقبيبة والبرزة وذيبان والذهيبة.
مواضيع ذات صلة: عشائر الأردن : نظرة متعمقة على العشائر وأصولها ومناطق نفوذها
عشيرة النهضة
- عشيرة النهضة: تنقسم هذه العشيرة إلى ست فرق كبيرة:
- بن طريف: وهم من عشائر بني حميدة التي كان لها وجود أساسي في صحراء الأردن، ويسكنون الكرك ومادبا.
- الديارنة: وهم السليمان والمحاميد والعمري والنميسات والشخانبة والكواملة. تحالفت معهم ثلاث حمايل أخرى: البواريد والفلاحات والجماعين.
- الرواحنة: وينقسمون إلى ثلاث حمايل: الرشود والصباح والذياب.
- الضرابعة: ويتألفون من الضرابعة (اللذاذعة، والفراهيد، والرشيد، والشحادات، والقرحة)، والفتينات، والقطامية، والقبابعة.
- الفقراء: وهم فريقان: الكنعان وعيال عايد.
- الغويين.
عشائر بني حميدة في الكرك:
تتواجد العديد من عشائر بني حميدة في محافظة الكرك، ومن أبرزها:
- عشيرة البديرات: وهي من العشائر الكبيرة والعريقة من بطون بني حميدة الأصل، وتنقسم إلى عدة أقسام: عيال حمد (وينقسمون إلى آل امضيان وآل ماضي)، والدرابيس (وهم قسم كبير ومنهم شيوخ البديرات كالشيخ المرحوم زايد بن عودة)، والسراريين، وعيالتيم (وهم أصغر قسم). وتجدر الإشارة إلى أن أقسامًا كثيرة من عشيرة البديرات تقطن خارج الكرك.
- عشيرة الليمون: وهي من أكبر عشائر بني حميدة في الكرك، وتنقسم إلى أقسام كثيرة منها: عيال حسن، والقرامشة، والدهيسات.
- عشيرة المعاقبة: وهي من عشائر بني حميدة في الكرك، ومن أقسامهم: العوران، والمطالقة، والسليمان، والرهايفة.
وقد شكلت هذه العشائر الثلاث (البديرات، والليمون، والمعاقبة) في منطقة فقوع حلفًا قويًا فيما بينها يُعرف باسم “حلف الأربعين”، وقد تأسس هذا الحلف بناءً على تقسيم الأراضي في منطقة فقوع.
بني حميدة في محافظة الطفيلة:
تتواجد أيضًا عشائر من بني حميدة في محافظة الطفيلة، منها:
- عشيرة الشتيات: وتضم عشيرة القرارعة، وعشيرة الفقراء، والصقور، والهواملة، والبداينة، والعمريين.
- عشيرة العمور: وتضم عشيرة القطامين (وتعتبر العشيرة الأكبر ويمثلهم الشيخ الحاج سالم بن جادالله القطامين والأستاذ مرضي القطامين)، وغيرهم.
فيديو تعريفي عن قبيلة بني حميدة
مواضيع ذات صلة: