القبائل العربية

قبيلة بني قيس : سلالة مضرية عريقة ذات امتداد جغرافي واسع

تعد قبيلة بني قيس من القبائل العربية العريقة التي تنتمي إلى جذور مضرية عدنانية أصيلة، وقد سطع نجمها في التاريخ وامتدت فروعها لتشكل واحدة من أكبر التجمعات العشائرية في مناطق واسعة من الشرق الأوسط، تشمل المملكة العربية السعودية، والجمهورية العربية السورية (حيث يُعرفون بـ “جيس”)، وجمهورية العراق، وجنوب تركيا.

نسب بني قيس: اتصال بالجذور العدنانية

يعود نسب قبيلة بني قيس إلى بني عامر بن صعصعة من قبيلة هوازن، التي تنتمي بدورها إلى قيس عيلان من مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الذي يرتفع نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. هذا النسب الرفيع يضع بني قيس في قلب شجرة الأنساب العربية العريقة، ويؤكد على عمق تاريخهم وأصالتهم.

مواضيع ذات صلة: قبائل قيس بن عيلان

فروع وبطون بني قيس: تشعبات واسعة في أصقاع مختلفة

تتكون قبيلة بني قيس من عدة فخوذ رئيسية تنحدر من بني عامر بن صعصعة، أبرزها فخوذ هلال، ونمير، وعقيل، وكلاب. بالإضافة إلى هذه الفخوذ الأم، تضم القبيلة العديد من الأفخاذ والبطون الأخرى التي تفرعت عبر التاريخ، ومنها:

  • نمير: ينحدر فرع نمير من بني يوسف من قيس، ويُعرفون بـ “بني نمير”.
  • عبادة: ينتمي فرع عبادة إلى بني محمد من قيس، ويشملون قبيلتي خفاجه وعبادة، وهما من بني عقيل.
  • الجُميلة: يُعد فرع الجُميلة من قيس، وينتمون إلى بني هلال.
  • البو جرادة: ينحدرون من بني محمد من قيس، ويُعرفون بـ “الأبي جرادة” وهم من بني عقيل.
  • الكرطان: ينتمي هذا الفرع إلى بني يوسف من قيس، ويُعرفون بـ “القرطاء” من بني كلاب.
  • الخيلانية: ينحدرون من قيس، وينتمون إلى بني الأخيل من عبادة (عقيل).

بالإضافة إلى هذه الفروع الرئيسية المنتمية مباشرة إلى بني عامر بن صعصعة، تضم قبيلة بني قيس أيضًا بعض العشائر العربية الأخرى التي انضمت إليها عبر التاريخ من أصول مختلفة، مثل بني عجل، وبني أسد، وبني صخر، والنعيم. هذه الظاهرة من التحالفات القبلية شائعة في تاريخ القبائل العربية، وتساهم في توسعها وزيادة قوتها.

شجرة بني قيس: خمسة قبائل رئيسية بامتداد جغرافي متنوع

تتكون شجرة قبيلة بني قيس من خمسة قبائل رئيسية هي: الصيالة (أو السيالة)، وبني يوسف، وبني محمد، والجُميلة، والحبيط. ويُطلق على بني محمد اسم “قيس الغربي” نظرًا لتمركزهم غرب نهر البليخ، بينما تُعرف قبائل الصيالة وبني يوسف والجُميلة والحبيط بـ “قيس الشرقي” لتمركزهم شرق النهر.

  1. الصيالة (السيالة): تنتشر عشائر هذه القبيلة في سوريا وجنوب تركيا، ومن أبرزها: بني عثمان، وبني طعان، والرافع، والنجار، والنواجحة، والعبود، والرزية، والجهيم، والمعاجلة، وعجل، والحبو، والبو عاص.
  2. بني يوسف: تتوزع عشائر بني يوسف في سوريا وجنوب تركيا والعراق.
  • في سوريا وجنوب تركيا: الصيفي، وبني عمر، وبني نمير، وبني عامر، وبني عز، والدويجات، والحليسات، وبني أسد، وبني خطيب، وبني عجل، والثعالبة، وبني زيد، وبني صخر، والخرايشة، والداود، والقرامطة (بني رعوة)، والنعيم، والغنامة.
  • في العراق: الكروية، والجيسات، والردينية، والدلفية، والمثلوثة، والحج عيسى، وآل الشواف، والملحان، والكرطان، والبو عيسى القيسية، والكرخية، والداينية، والمهدية، والأركية، والدهلكية، والكميعات، والزهيرية، والخيلانية، والنداوات، والجورانية، والعويسات، والشمسيات، والدشتكية.
  1. بني محمد: تنتشر عشائرهم في سوريا وجنوب تركيا، ومنها: عبادة، وحلاوة، وبني خلف، والقجر، وفتيت، والطماح، وبني منيف، والجرعان، ومرابدة، ومقيلات، وسنانات، وسرامدة، وسجو، والبو جرادة، وعليمات، وبجميش، والبشاجمة، وكعكات، وبني غنيم، ونداوات، وعمار، وبني حصين، وجريج، وطوال، وانشعة، ومساهرة، وعظامظة.
  2. الجُميلة: تتوزع عشائرها في سوريا وجنوب تركيا والعراق.
  • في سوريا وجنوب تركيا: النوافلة، والبو جندي، والبلنزية.
  • في العراق: البو جاسم، والبو جسام، والمرمي، والبو راشد، والبو نوفل، والسهيلات.
  1. الحبيط: تتواجد عشائرهم في جنوب تركيا، ومنها: سودان، وسيفان، ودنادة، وكتاكتة.

بني قيس (جيس) في سوريا: تحولات في نمط الحياة ودور تاريخي

يُشير الرحالة الألماني ماكس أوبنهايم في موسوعته “البدو” إلى تحول قيسيّي سهوب الضفة الغربية لنهر الفرات إلى نمط حياة بدوي رحل حقيقي. وقد ساهمت هذه الأنماط الحياتية المختلفة في تعميق الحدود الفاصلة بين القبائل، التي كانت قد تلاشت لدى القيسيين الآخرين. ونتيجة لذلك، انقسم قيسيو شمال سوريا في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) إلى خمس قبائل مستقلة، كلها تنتمي إلى بني عامر بن صعصعة، وهي: نمير، وكلاب، وعقيل، وقشير، والعجلان. وقد عبرت معظم هذه القبائل نهر الفرات في منتصف القرن المذكور وانتشرت في منطقة الجزيرة الشمالية.

وقد انفردت قبيلة كلاب بالبقاء في منطقتها الواقعة بين حلب والرحبة، حيث ظهرت منها سلالة بني مرداس التي حكمت حلب بين عامي 416 هـ/1025 م و 472 هـ/1080 م. واستمرت هذه القبيلة حتى الحقبة الأخيرة من العصر المملوكي، حيث تولت مهمة حراسة حدود الدولة المملوكية ضد آسيا الصغرى، نظرًا لبأسها وشراستها كقبيلة محاربة. وفي نهاية العصر الوسيط، كانت مضارب قبيلة كلاب منتشرة في منخفض العمق غربي حلب، وعند قلعة جعبر على نهر الفرات.

أما بنو نمير، فقد اختاروا القسم الغربي من نهر البليخ، بينما استقر بنو عقيل في القسم الشرقي حول مدينة نصيبين. وخلال فصل الشتاء، كانت القبيلتان تتجهان جنوبًا، حيث كانت بنو نمير تمر عبر مدينة الرقة بمحاذاة مجرى نهر الفرات المتجه جنوبًا، بينما كانت قبيلة عقيل تجتاز منطقة الجزيرة بالعرض.

إضافة وتحليل:

يُلاحظ من هذا الاستعراض التاريخي والجغرافي أن قبيلة بني قيس لعبت أدوارًا هامة في مختلف المناطق التي استوطنتها. فمنها من أسس إمارات وحكم مدنًا، ومنها من ساهم في حراسة الحدود والدفاع عن الأراضي. كما أن انتشار فروعها في عدة دول يعكس حجمها وتأثيرها في المنطقة.

ختامًا:

تعد قبيلة بني قيس مثالًا بارزًا على القبائل العربية الكبيرة التي استطاعت الحفاظ على اسمها ونسلها عبر قرون طويلة، مع الانتشار والتفرع في مناطق جغرافية واسعة. إن دراسة تاريخ هذه القبيلة وفروعها المختلفة تساهم في فهم أعمق للتاريخ القبلي والاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط، وتُبرز مدى تأثير هذه القبائل في تشكيل ملامح المنطقة عبر العصور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock