قبائل الحباب القحطانية: جذور ضاربة في عمق الجزيرة العربية

المقدمة: إرثٌ لا يُنسى
في صميم قلب الجزيرة العربية، حيث تروي الرمال حكايات الأمجاد، وتنطق الجبال بسير الأبطال، تقف قبائل “الحباب” من قحطان شاهداً حيّاً على عراقة النسب ورسوخ التاريخ. هذه القبيلة التي شكلت نسيجاً اجتماعياً وسياسياً فريداً في جنوب المملكة العربية السعودية، تمتد جذورها إلى الحباب بن عبد الله بن سنحان، حاملاً لواء مجدٍ توارثته الأجيال عبر القرون. فهي ليست مجرد بطونٍ وأفخاذ، بل حضارةٌ إنسانيةٌ متكاملة، تجسّدت في شيوخها العظام، وديارها المترامية، وشعرائها الذين نحتوا كلمتهم في صخر الزمن.
اصل قبائل الحباب
الشيوخ: رموز الحكمة والقيادة
لطالما كان شيوخ الحباب أعمدةً تنتصب بها القبيلة، ومن أبرز هؤلاء:
- الشيخ صالح بن برمان: رمزُ الحكمة والتسامح.
- الشيخ حامد بن شنان: صاحب الرأي السديد في حل النزاعات.
- الشيخ عون بن نملان: فارسٌ جمع بين الشجاعة والكرم.
- الشيخ جراب بن حسن: حامي حمى القبيلة في أحلك الظروف.
ولا يزال أحفادهم يحملون راية المجد، ويروون سيرهم كقصصٍ تُلهب حماس الشباب.
التقسيم الجذري لقبيلة الحباب
تنقسم القبيلة إلى فرعين رئيسيين، هما عمودا النسب وحاملا اللواء:
الفرع الرئيسي | البطون الكبرى | التوزيع الجغرافي |
---|---|---|
آل مسلّم بن حباب | الرشدة – الزهرة | وادي تثليث – الحمرة |
آل هويج بن حباب | الهوجة – الفحوس | تهامة – وادي رشاد |
آل مسلّم بن حباب.. تفصيل الأنساب
أولاً: الرشدة (أبناء رشيد بن مسلّم)
ينقسمون إلى أربعة فروع رئيسية، كل فرعٍ يشكل عالمًا قائمًا بذاته:
- آل جبران بن سعد:
- آل عبيد: وتحتهم:
- آل جابر: ينقسمون إلى آل برمان (وهم: آل جليد، آل خدام، آل حسن، آل صالح) وآل معيض.
- آل سلمان: أفخاذهم: آل عايض، آل مسفر، آل حدلاء، آل ريعة.
- آل غازي: أفخاذهم: آل عايضة، آل يحيى، آل ناشر، آل هظبة.
- آل غايب: ومنهم: آل دعكن، آل ملفي، آل صقعة.
- آل الشريف:
- آل سالم: (آل ملحف، آل دوكر، آل عايض).
- آل مسفر: (آل ملفي، آل ظبية).
- آل علي بن سعد:
- آل معيض: (آل بشير، آل مداوي، آل محسن).
- آل شايع: (آل مداوي، آل هيف، آل مسفر).
- آل فاضل:
سكان وادي راحة، أفخاذهم قليلة العدد لكنها عظيمة الموروث.
يقول الشاعر ذيب بن فرحان الحميداني في حق آل جبران:
“آل جبران هل المـدح جـدى
مثل نور من سرى به تقدى
يقرعون العرو للـي تشـدى
شيخهم ما يجعل الفرض مايل”
ثانياً: الزهرة (أبناء جميل بن مسلّم)
- آل حميدان: أفخاذهم: آل عايض، آل هايض، آل جرعود، وآل جبران.
- آل زيد: وينقسمون إلى:
- آل جميح: (آل هجلة، آل مستور، آل شعلة).
- آل ملحان: (آل درع، آل مسفر، آل مبارك).
- آل حسناء: (آل سعيد، آل شايز).
- آل ناصر: (آل وافية، آل صالح، آل دهيمان).
آل هويج بن حباب (الهوجة)
فروع الهوجة الرئيسية
- آل محمد بن هويج (آل زربة):
- آل شنان: (آل رقعان، آل مهمل).
- آل حثيث: (آل مفرح، آل ضليف، آل منصور).
- آل الكرمة.
- آل غراب بن هويج:
- آل حنيش، آل عاطف، آل محمد بن علي.
- آل عمر بن هويج:
- الفحوس: (آل عرار، آل ملحة).
- المراقصة: (آل نملان).
- آل سعيد بن هويج:
- آل مقرح، آل مفتاح، آل مكاذب (في تهامة).
يقول الرواة: “الهوجة درعٌ منيعٌ وسيفٌ صارمٌ في وجه المعتدين”.
الفصل الرابع: بلاد الحباب.. جغرافيا المجد
أودية تروي تاريخ القبيلة
- وادي تثليث: العمود الفقري لأرض الحباب، وفيه:
- الأمواه: عاصمة الحباب التاريخية، وسوقها الأسبوعي شاهد على الحراك التجاري.
- اللّجام: موطن آل حميدان.
- الحمراء: معقل آل حسناء.
- وادي الخنقة:
- قرى: المجزعة، المصبخ، الرهوة.
- جبال: العريضة، أبو خيال (ذو الأسرار التاريخية).
- وادي ملحة الحباب:
- تحرسه جبال: هضبة اللبن، العصب، احيمر.
- وادي راحة:
- نقطة التقاء بين الحباب وقبائل قحطان الأخرى.
جبال شامخة كشموخ الرجال
- جبل درع: يحرس وادي الأمواه.
- جبل سمحان: يخفي نقوشاً وآثاراً تعود إلى بني هلال.
- جبل أهرمان: ذكره ابن خميس في “معجم جبال الجزيرة”.
حدود بلاد الحباب:
- الشرق: قبيلة يام
- الغرب: عبيدة وشريف
- الجنوب: وادعة
- الشمال: الجحادر
الفصل الخامس: الحباب خارج الجنوب.. امتدادٌ في أصقاع الجزيرة
لم تقتصر ديار الحباب على الجنوب، بل امتدت إلى:
- نجد: في صبحاء والعارض.
- الأفلاج والخرج: حيث أفخاذ آل ناصر.
- قطر والإمارات: هجرة قديمة توثق التواصل الخليجي.
قول الشاعر في استعادة الحمراء:
“خذينا الحمرة بصباح يوم
ألا يا سعد من ربعه قروم
وحالوا دونها جمع الحباب
قروم في الحرايب ما تهاب”
الخاتمة: قبيلةٌ ليست من الماضي بل صانعةٌ للمستقبل
قبائل الحباب ليست أرقامًا في سجل الأنساب، ولا أسماء على خريطة، بل هي روحٌ تتنفس في كل جبلٍ ووادٍ سكنته، وإرثٌ حي في شعرائها وشيوخها. إنها قبيلة اختزلت تاريخ الجنوب السعودي بكل تفاصيله: من مناجم الذهب القديمة في جبل سمحان، إلى أسواق الأمواه التي كانت ملتقى التجار، إلى قصائد الفخر التي ما زالت تُردد في المجالس.
واليوم، بينما تُبنى المملكة برؤية طموحة، يظل الحباب جذورًا راسخة في تربتها، وأغصانًا ممتدةً في سماء مستقبلها، حاملين معهم تراثًا يقول للعالم: “هنا عاش أجدادنا، وهنا نصنع نحن المجد”.
“لن تموت القبيلة ما دام في الشباب عرقٌ ينبض، وفي الأرض موطنٌ يُدفن فيه الأجداد، وفي السماء نجمٌ يهدي السائرين على الدرب”
مواضيع ذات صلة