فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج

يعد صيام يوم عرفة من مواسم الطاعات التي ينبغي على المسلم أن لايفرط بها ، وأن من فضائل الأيام أن الله تبارك وتعالى شرف بعضها على بعض، وكذلك الليالي ومن كرم الله أنه جعل لعباده مواسم للطاعة والعبادة يتسابقوا فيها ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة.
ومن أعظم ايام عشر ذي الحجة هو يوم عرفة الذي يسن صيامه لغير الحاج، وقد ورد في فضل صيام يوم عرفة لغير الحاج أنه صيامه يكفر سنة ماضية وسنة قادمة.
ومن الأيام التي أفردها الرسول- صلى الله عليه وسلم – بالصيام صيام يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة وفي فضله جاء الحديث الشريف، كما في صحيح مسلم: “صيام يوم عرفة، أحتَسِب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله”.
مواضيع ذات صلة: متى يبدأ التكبير للعيد
والمراد بتكفير الذنوب :هي الصغائر، أما الكبائر فلابد من التوبة منها، وأما حقوق العباد فلا بد من ردها أو مسامحتهم.
والصيام في هذا اليوم يُستَحَبُّ على وجه التأكيد لغير الحاجِّ ليكون الجميع وُقوفًا على باب الرحمة والمغفرة هذا بحَجِّه، وذاك بصومِه، ولا يُستَحب صيام هذا اليوم للحاج فالأولى له الفطر؛ لأنه أرفق به في آداب الوقوف ومهمات المناسك، وتحكي أم الفضل بنت الحارث امرأة العباس بن عبد المطلب : “أن ناسًا تمارَوْا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن، وهو واقف على بعيرِه بعرفة فشَرِبَه”، وفي رواية: “فشَرِب منه، والناس ينظرون إليه”.
وليكن معلومًا أن الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة فترة زمنية مُبارَكة يُستَحب فيها الإكثار من الطاعات والخيرات، وقد قال- عليه الصلاة والسلام – كما رواه البخاري: “ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه العشر ـ يعني العشر الأوائل من ذي الحجة ـ قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء”.
ومن فضائل يوم عرفه ومزاياه أنه يوم إكمال الدين ، وإتمام النعمة على أمة الإسلام : ففي الصحيحين : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم تقرءونها ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . قال : أي آية ؟ قال : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } المائدة :3 . قال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم : وهو قائم بعرفة ، يوم الجمعة .
كما أنه يوم عيد لأهل الموقف : قال صلى الله عليه وسلم :” يوم عرفة و يوم النحر و أيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب ” رواه أهل السنن . وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال : نزلت – أي آية ( اليوم أكملت ) – في يوم الجمعة ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد الله لنا عيد .
ويوم عرفة يومٌ أقسم الله تعالى به : والعظيمُ لا يقسم إلا بعظيم ، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى : ( وشاهدٍ ومشهود ) البروج :3 . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” اليوم الموعود يوم القيامة ، واليوم المشهود يوم عرفة ، والشاهد يوم الجمعة .. ” رواه الترمذي وحسنه الألباني . وهو الوتر الذي أقسم الله تعالى به في قوله : ( والشفع والوتر ) الفجر :3 ، قال ابن عباس : الشفع يوم الأضحى ، والوتر يوم عرفة . وهو قول عكرمة والضحاك .
وصيام يوم عرفه لغير الحاج يكفر سنتين : فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة ؟ فقال : ” يكفر السنة الماضية ، والسنة القابلة ” رواه مسلم . وهذا إنما يستحب لغير الحاج ، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه ، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة .