يتناول هذا المقال عرض السيرة الذاتية ومواقف شيخ قبيلة عنزة ، كما يتضمن عرض اهم مشائخ قبيلة عنزة والفروع التي ينتمون اليها..
يعد الشيخ متعب بن محروت بن فهد الهذال (1926 – 27 يوليو 2023) قامةً بارزة في تاريخ العراق الحديث وشيخً قبيلة عنزة العريقة. فهو الابن الثاني للشيخ محروت بن فهد الهذال، الذي ذاع صيته كأحد أشهر شيوخ عنزة في العراق ومنطقة الخليج العربي والجزيرة العربية والشام، تاركًا بصمةً واضحة في سجلات القبيلة.
ولد الشيخ متعب في العاصمة العراقية بغداد عام 1926، لكنه استقرّ في كنف والده بناحية النخيب بمحافظة الأنبار غربي العراق. حظي الشيخ متعب برعاية خاصة من والده الأمير محروت، الذي حرص على إعداده وتأهيله لتحمل مسؤولية المشيخة. تلقى تدريبًا مكثفًا على إدارة شؤون القبيلة، كما أوفده والده في بعثات برفقة نخبة من ذوي الخبرة لاكتساب المعرفة والتجربة.
وقد أظهر شيخ قبيلة عنزة الشيخ متعب قدرات قيادية مبكرة، حيث قاد قبيلته بكفاءة واقتدار لمدة عشر سنوات في حياة والده. وبفضل طموحه وعمق فهمه لشؤون القبائل والعشائر الصحراوية، تبوأ مكانة رفيعة بين شيوخ البدو. عُرف الشيخ متعب بقراراته الصارمة وحكمته البالغة وشجاعته التي لا تُضاهى، ممّا أكسبه احترامًا واسعًا وذيوعًا في مختلف المحافل. كانت العديد من القبائل البدوية تلجأ إليه للفصل في النزاعات العشائرية، تقديرًا لنزاهته وعدله.
اشتهر الشيخ متعب بصفاته الحميدة وأخلاقه الرفيعة وكرمه الفيّاض في استقبال ضيوفه. كان صاحب مواقف ثابتة وصلبة في الحق، الأمر الذي زاد من محبته ورصيده في قلوب العشائر العربية وحكامها، الذين كانوا يعتبرونه مرجعًا عادلاً وصارمًا.
مواضيع ذات صلة: شيخ قبيلة عتيبة
في عام 1424 هجريًا، وخلال فترة الاحتلال الأمريكي للعراق، اعتُقل الشيخ متعب بن محروت الهذال، الذي كان يناهز السبعين من عمره آنذاك. جاء اعتقاله على خلفية اتهامات باستضافة عناصر من خارج العراق. وقد أثارت هذه الخطوة قلقًا واسعًا، وتدخلت قيادات خليجية للضغط على صانعي القرار في الولايات المتحدة الأمريكية للإفراج عنه وعن أفراد عائلته الذين قُبض عليهم معه، والذين بلغ عددهم حوالي سبعين شخصًا. ورغم الوعود الأمريكية بالإفراج عنه، إلا أن ذلك لم يتحقق إلا بعد فترة طويلة قضاها الشيخ متعب في محبسه. وفي 30 أبريل 2006، تعرّض الشيخ متعب لأزمة قلبية حادة، وعلى إثرها أمر الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود باستقباله في مركز الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد لأمراض القلب، ثم نُقل إلى مستشفى القوات المسلحة بالرياض، ودخل المملكة عبر منفذ عرعر الذي كان آنذاك مخصصًا للحجاج فقط، وهو ما يعكس المكانة الخاصة التي كان يحظى بها الشيخ متعب وتقدير المملكة العربية السعودية له.
محروت بن فهد بن هذال : شيخ قبيلة عنزة الراحل
أما والده، الشيخ محروت بن فهد بن هذال (1892 – 22 مارس 1969)، فقد كان شخصية وطنية عراقية بارزة وأحد أبرز شيوخ قبيلة عنزة على مستوى العراق ودول مجلس التعاون الخليجي والجزيرة العربية والشام. وإلى جانب مكانته القبلية الرفيعة، كان له دور سياسي، حيث شغل منصب نائب في مجلس النواب العراقي عن كربلاء (الرطبة) من عام 1955 حتى مارس 1958، مساهمًا في خدمة وطنه من خلال العمل البرلماني.
إضاءات إضافية حول قبيلة عنزة وشيوخها البارزين:
تتميز قبيلة عنزة بتاريخ عريق وامتداد جغرافي واسع، وتضم فروعًا وعشائر عديدة لكل منها شيوخها ومكانتها. وبالإضافة إلى الشيخ متعب ووالده الشيخ محروت، برزت أسماء أخرى في قيادة القبيلة وفروعها المختلفة، منهم:
- الشيخ سلطان بن سطام الطيار: شيخ قبيلة ولد علي من عنزة الوائلية، ولد في خيبر وتوفي في جدة، ويُعد من الشخصيات المؤثرة في تاريخ القبيلة.
- الشيخ حمود جدعان ابن مجيد: شيخ شمل عشائر العبادلة من عنزة، وقد ألقى كلمة في الملتقى الأول لقبيلة عنزة في الأردن عام 2024، مما يدل على استمرار التواصل والترابط بين أبناء القبيلة في مختلف المناطق.
آل سعود وعلاقتهم بقبيلة عنزة
يشير المؤرخون إلى تداخل الأنساب بين القبائل العربية، ويرى البعض أن آل سعود ينتمون إلى عنزة بحكم كونهم أبناء عمومة لبني حنيفة الذين انضموا إلى قبائل عنزة الوائلية بالتداخل.
- ابن هذال كزعيم أعلى لعنزة: يُعتبر ابن هذال تقليديًا الزعيم الأعلى لجميع قبائل عنزة، وقد ارتبط اسمه بالقيادة والريادة على مر العصور.
- الشيخ عبيد بن صالح بن بشر العنزي: شيخ ضنا عبيد من عنزة، والمُلقب بـ “طارش نجد”، وتُشير المصادر إلى أن أجداده كانت لهم رئاسة قبائل ضنا عبيد وعموم بشر.
- شيوخ المضيان والحمايرة: الشيخ فيصل بن ظاهر الدخيل هو شيخ قبيلة المضيان، بينما الشيخ مطير المريقب هو شيخ فخذ الحمايرة من المضيان.
- أقدم شيوخ عنزة في التدوين: تُعد أسرة السحالي شيوخ المطارفة من عنزة من أقدم الأسر الشيخة التي ذُكرت في التدوين التاريخي، كما أشار إليه الجزيري المتوفى عام 977 هـ في كتابه “درر الفرائد المنظمة”.
- الشيخ طراد بن راكان بن بشير المرشد: شيخ شمل قبيلة السبعة من عنزة، والمعروف بـ “أبو مطشر”، وقد توفي بعد صراع مع المرض.
- الشيخ بن وضيحان: شيخ قبيلة الصقور من عنزة.
- الشيخ ناصر بن قاسم بن كحيل الطويلعي العنزي: شيخ الطوالعة من عنزة.
- الشيخ محمد بن ضبيب: شيخ الحناتيش من عنزة.
إن ذكر هؤلاء الشيوخ وغيرهم يسلط الضوء على الثراء القيادي والتنوع الذي تتمتع به قبيلة عنزة، ودور شيوخها في الحفاظ على تاريخها ووحدتها وتراثها العريق. لقد كان الشيخ متعب بن محروت الهذال امتدادًا لهذه المسيرة الحافلة، ومثالًا للشيخ الحكيم والشجاع الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ قبيلته ووطنه.
مواضيع ذات صلة:
