تهاوي أسعار النفط مع تصاعد الحرب التجارية ومخاوف الركود العالمي

شهدت أسعار النفط انخفاضاً حاداً تجاوز الثلاثة بالمئة في بداية التعاملات الآسيوية، مواصلةً بذلك سلسلة الخسائر التي تكبدتها خلال الأسبوع الماضي. يُعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى تصاعد القلق في الأسواق من أن تؤدي الحرب التجارية المتفاقمة بين أكبر اقتصادين في العالم إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مما يضعف بدوره الطلب على الطاقة. جاءت هذه الموجة البيعية الجديدة في أعقاب الرد الصيني الأخير على الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتفصيلاً، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي بمقدار 2.1 دولار للبرميل، أي بنسبة 3.2%، لتستقر عند 63.48 دولار للبرميل بحلول الساعة 10:27 بتوقيت غرينتش. كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 2.14 دولار للبرميل، أي بنسبة 3.5%، لتصل إلى 59.85 دولار للبرميل.
وكان يوم الجمعة الماضي قد شهد تدهوراً كبيراً في أسعار الخامين القياسيين، حيث انخفضا بنسبة 7%، مسجلين بذلك أدنى مستوياتهما منذ أكثر من ثلاث سنوات. حدث هذا الانخفاض بعد أن أعلنت الصين عن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة تصل إلى 34% على سلع أمريكية، رداً على إجراءات ترامب، مما عزز مخاوف المستثمرين من الدخول في حرب تجارية شاملة ورفع احتمالات حدوث ركود اقتصادي عالمي. وقد انعكس هذا القلق في تقديرات بنك “جي بي مورغان” الاستثماري الذي رفع توقعاته لاحتمالية حدوث ركود عالمي بنهاية العام من 40% إلى 60%.
قرارات ترامب وتأثيرها على النفط:
تميزت فترة رئاسة دونالد ترامب بسياسات متناقضة أثرت بشكل كبير ومباشر على أسواق النفط العالمية. من جهة، سعى ترامب إلى تحقيق “هيمنة الطاقة” الأمريكية عبر تشجيع الإنتاج المحلي للنفط الصخري، مما أدى إلى طفرة في الإنتاج الأمريكي وزيادة المعروض العالمي. كما مارس ضغوطاً متكررة على منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها (في إطار ما يعرف بأوبك+) لزيادة الإنتاج بهدف كبح جماح الأسعار.
ومن جهة أخرى، أدت قراراته الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات صارمة على طهران، بالإضافة إلى فرض عقوبات على فنزويلا، إلى تقليص حاد في صادرات النفط من هذين البلدين، مما ساهم في شح الإمدادات ودعم الأسعار في فترات معينة.
إلا أن قراره بإشعال فتيل الحرب التجارية مع الصين، عبر فرض رسوم جمركية واسعة النطاق، كان له التأثير الأبرز والأكثر سلبية على توقعات الطلب العالمي على النفط. فالمخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي ككل بسبب هذه الحرب التجارية، أدت إلى تزايد القلق بشأن تراجع الطلب المستقبلي على النفط. وفي كثير من الأحيان، طغت هذه المخاوف المتعلقة بالطلب على تأثير نقص الإمدادات الناتج عن العقوبات، مما أدى إلى تقلبات حادة ودفع الأسعار نحو الانخفاض، كما يتضح من التطورات الأخيرة المذكورة في الخبر، حيث أصبحت نذر الركود الاقتصادي هي المحرك الأساسي لضعف السوق.