تكبيرات العشر من ذي الحجة : إحياء شعيرة عظيمة

يتناول هذا المقال تكبيرات العشر من ذي الحجة ، اذ تعتبر الأيام العشر الأولى من ذي الحجة من أفضل الأوقات للتقرب إلى الله تعالى، ومن أبرز العبادات التي يُستحب الإكثار منها في هذه الأيام هي التكبير وذكر الله. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الحث على ذلك، تأكيدًا لقوله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج:28]، حيث فسرها العلماء بأنها أيام العشر من ذي الحجة.
أهمية إحياء سنة التكبير
يبدأ التكبير مع غروب شمس آخر يوم من ذي القعدة، عند رؤية هلال ذي الحجة. وقد كان السلف الصالح، مثل عبد الله بن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما، يحرصون على إحياء هذه السنة، فيخرجون إلى الأسواق ويكبرون ليتبعهم الناس، إحياءً لهذه الشعيرة العظيمة. ينبغي للمسلم أن يحرص على رفع صوته بالتكبير، فإحياء السنن يرفع العبد عند الله. التكبير هو تعظيم الله تعالى وإجلاله، واعتقاد أنه لا شيء أكبر ولا أعظم منه، فكل كبير يصغر أمام جلاله وقدرته.
يُروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا قال في الصلاة مع النبي ﷺ: “الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا”، فقال النبي ﷺ: “عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء”، فما تركها ابن عمر بعدها. ويؤكد شيخ الإسلام ابن تيمية أن التكبير هو شعار الصلوات والأذان والأعياد، وهو مستحب في الأماكن العالية وعند ركوب الدواب، وبه يطفأ الحريق ويهرب الشيطان.
صيغ التكبير وأنواعه
تتعدد صيغ التكبير في هذه الأيام، والأمر فيها واسع، فيمكن التكبير:
- شفعًا: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
- وترًا: “الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
- أو الجمع بينهما: التكبير وترًا في الأولى وشفعًا في الثانية، أو العكس.
تنقسم تكبيرات العشر من ذي الحجة إلى قسمين:
- التكبير المطلق: وهو الذي لا يتقيد بوقت أو مكان معين، فيُسن في كل وقت: صباحًا ومساءً، قبل الصلاة وبعدها، في البيت والسوق. يبدأ هذا التكبير من غروب شمس آخر يوم من ذي القعدة ويستمر حتى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
- التكبير المقيد: وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات المكتوبة. يبدأ هذا النوع لغير الحاج من فجر يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة) إلى غروب شمس آخر أيام التشريق (اليوم الثالث عشر). أما الحاج، فيبدأ التكبير المقيد في حقه من ظهر يوم النحر (العاشر من ذي الحجة) بعد رمي جمرة العقبة.
ويجتمع التكبير المطلق والمقيد في أصح أقوال العلماء في خمسة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة. أما ما قبل يوم عرفة، فالتكبير فيه مطلق فقط.
أجر التكبير وفضله
الإكثار من ذكر الله تعالى، بما في ذلك التكبير، من أعظم الطاعات وأيسرها، وبه تطمئن القلوب. وقد حث النبي ﷺ على الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد في هذه الأيام العشر، مؤكدًا أنها “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر”. وقد أوصى الإمام النووي رحمه الله بالإكثار من الأذكار في العشر، وأن يزداد ذلك في يوم عرفة.
هذه دعوة للاستفادة من هذه الأيام المباركة بالتوبة النصوح، والإقلاع عن المعاصي، وزيادة الأعمال الصالحة، والإكثار من ذكر الله والاكثيار من تكبيرات العشر من ذي الحجة في كل الأوقات.
مواضيع ذات صلة: