ينابيع المعرفة

الشيخ أحمد فتيني جنيد (1889 -1936م):

كتب: توفيق السامعي

ثائر وسياسي وشيخ اجتماعي تهامي، وهو قائد ثورة الزرانيق الكبرى ضد الإمام يحيى حميد الدين، الذي رفض الدخول في طاعته أو تسليم بلاد تهامة له.

ولد الشيخ أحمد بن أحمد فتيني هبة جنيد الزرنوقي سنة 1889م في قرية الطائف التابعة لمديرية بيت الفقيه في محافظة الحديدة.

نشأ وترعرع في أسرة بسيطة فقيرة، وبدأ حياته ممتهناً حرفة والده في الصيد، وقد ساعدته هذه الحرفة في السفر والارتباط المباشر بالبحر الأحمر وعبره وخلال رحلات صيده ارتبط بالساحل الافريقي والدول المطلة عليه مستغلا هذا الترابط بالاحتكاك بالأجانب الإنجليز والفرنسيين والايطاليين، وتعلم منهم هذه اللغات حتى تمكن من إتقانها.

وبفضل كفاحه اليومي تحول من مجرد صياد إلى تاجر وخلال نشاطه التجاري جمع ما جمعه من المال ساعده بشراء قوارب صيد حتى أصبح يمتلك اسطولاً بحرياً جنى منه ثروة هائلة.

ولما كان مشهوداً له بالذكاء والطموح المبكر فبدأ طموحه يقوده نحو القيادة التهامية فقوى حضوره بين أبناء قبيلته وتمكن من استقطاب أعداد كبيرة من عناصر قبيلته وتمكن من تأسيس جيش قوي قاد به كل معاركه في الثورة والمقاومة التهامية ضد المحتلين والمستعمرين والغزاة, ليؤسس أشبه ما تكون بدولة تهامية مستقلة بسيطة.

كون له حضوراً سياسياً وقبلياً ورفض سياسة الإذلال والقهر الإمامي للطاغية يحيى حميد الدين خاصة بعد خروج الأتراك من اليمن، وحدث أن استفز الإمام يحيى أبناء تهامة بأن حول بعض مساجدهم إلى اصطبلات للدواب مما أثار حمية وغيرة الشيخ أحمد فتيني جنيد وبدأ بمقاومة هذا الإذلال والمهانة معلناً الحرب على الطاغية يحيى.

بين أعوام 1928 و1932 دارت معارك حامية الوطيس أشبه بأفلام الرعب السينمائية بين أبطال الزرانيق في تهامة وبين جيوش الإمام يحيى حميد الدين بقيادة نجله السيف أحمد حميد الدين، كانت جيوش الإمام تذوب كذوبان الملح أمام ضربات أبطال الزرانيق الثوار الذين أبوا الخضوع للإمام يحيى مطالبين بحكم ذاتي، حتى عدا عليهم أحمد حميد الدين بكل ما أوتي من قوة بعد حصارهم من البر والبحر وهدم القرى وإحراق المزارع وتسميم الآبار.

كافح الشيخ أحمد فتيني كفاح الأبطال والتفت حوله معظم تهامة، وأذل الإمامة كما أذلتها تهامة من قبل، حتى وصل الأمر إلى أن أبكى أحمد حميد الدين من قوة الصمود والمقاومة ويأسه من إخضاع تهامة إلا بعد اتخاذه سياسة الأرض المحروقة والانتقام من كل شيء فيها. وتعرضت الزرانيق للخيانة من بعض أبنائها وعلى رأسهم الشيخ قاسم منصر فكان سبباً لهزيمتها.

بعد هزيمة الزرانيق في تلك المعارك واستيلاء أحمد يحيى حميد الدين على تهامة سيق أسرى الزرانيق وعددهم حوالى 1500 أسير وتم تصفيتهم بالسم والقتل والتعذيب في قلعة القاهرة بحجة فكانت أعظم جرائم ومجازر الطاغيتين يحيى وابنه أحمد.

بعد فشل المقاومة التهامية واحتلال بيت الفقيه من قبل أحمد حميد الدين انسحب إلى جيزان، وعاد مع القوات السعودية ومعه كتائبه الزرنوقية، بعد دخول الجيش السعودي بقيادة الأمير فيصل الحديدة، وبعد انسحاب القوات السعودية تم اغتياله من قبل ولي العهد الإمامي أحمد يحيى حميد الدين عن طريق السم بعد غدائه في بيت الفقيه، كما سمما من قبل الأسرى الزرانيق، رغم تعهدهما للملك عبدالعزيز والأمير فيصل بعدم التعرض للشخصيات التهامية وإطلاق سراح من تبقى من الزرانيق في معتقلاتهم.

وتوفي الشيخ أحمد فتيني جنيد بعد صلاته للمغرب في مزرعته غرب بيت الفقيه ودفن في تربة ابن عجيل سنة 1936م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock