تقارير وتحقيقات

اجتماع الرياض : خطوة نحو تسوية شاملة أم استعداد لمرحلة مفصلية؟

في خضم تعقيدات إقليمية ودولية متشابكة، شهدت العاصمة السعودية الرياض لقاءً سياسيًا استثنائيًا جمع قيادات “هيئة التشاور والمصالحة اليمنية”، بمشاركة ممثلي الفصائل والأحزاب المنضوية تحت مظلتها، وذلك بحضور السفير السعودي لدى اليمن، محمد بن سعيد آل جابر. جاء الاجتماع في توقيت بالغ الحساسية، وسط مؤشرات على تحركات دبلوماسية وعسكرية متسارعة قد تُعيد تشكيل المشهد اليمني.

دعم سعودي للسلام.. تصريحات وتطلعات:

عبر منصّة “إكس”، أكّد السفير آل جابر على “استمرار دعم المملكة غير المحدود لمسار السلام والمصالحة الوطنية الشاملة في اليمن، وتعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة”، مُشدّدًا على “أهمية توحيد الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق هذه الغاية”. من جانبه، أشاد عبد الملك المخلافي، القيادي اليمني وعضو الهيئة، بالدور السعودي، واصفًا إيّاه في تغريدة بـ”الشراكة الإستراتيجية الأخوية الرامية لإحلال السلام ودعم التنمية”، معتبرًا أن اللقاء “يعكس عمق الاهتمام السعودي بمستقبل اليمن”.

خلفية اللقاء.. سياقات إقليمية متشعبة:

لا تنفصل هذه التحركات عن المشهد الإقليمي المضطرب، حيث تتوازى مع تلميحات عن تحضيرات لعملية عسكرية محتملة في اليمن، إلى جانب المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، والزيارة الأخيرة لوزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، إلى إيران ولقائه بالمرشد الأعلى علي خامنئي. كما تُوِّجت الأشهر الماضية بحراك دبلوماسي سعودي مكثّف؛ بدءًا من مباحثات فبراير في واشنطن التي ناقشت الملف اليمني والتنسيق الأمني مع الولايات المتحدة، وصولًا إلى لقاء أبريل في طهران، بحضور السفير آل جابر في كلا الاجتماعين، ما يُبرز أولوية الملف اليمني في الاستراتيجية السعودية.

ثنائية الخطاب السعودي.. بين الدبلوماسية والترهيب:

تُثير التصريحات الرسمية السعودية تساؤلات حول طبيعة الاستراتيجية المتبعة؛ فبينما تُركّز الرسائل الدبلوماسية على دعم الحلول السياسية وبناء الثقة، يبرز خطاب إعلامي موازٍ يتحدث عن “خيارات عسكرية صعبة”، في تناقض قد يُفسّر كجزء من سياسة “الجزرة والعصا” لتحقيق مكاسب تفاوضية، أو كمؤشر على تباين الرؤى داخل أروقة صنع القرار.

استحقاقات مصيرية.. سلام أم مواجهة؟

في ضوء هذه المعطيات، يطفو على السطح سؤال محوري: هل تُعد الرياض الأرضية لمسار سلام شامل بقيادة إقليمية، أم أنها تُعيد ترتيب أوراقها استعدادًا لسيناريو تصعيدي قد يُعيد رسم الخريطة السياسية والعسكرية لليمن؟ بين ثنايا هذا الغموض، تبدو الأسابيع المقبلة حاسمة في كشف اتجاه البوصلة، سواء نحو تسوية تاريخية أو جولة جديدة من الصراع، في اختبارٍ لمصداقية الأطراف المحلية والدولية الفاعلة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock