أصل عشيرة الحسينات في الاردن

في قلب الصحراء الأردنية، حيث تروي الرياح حكايات القبائل العريقة، تقف عشيرة الحسينات شامخة كصرحٍ من الأصالة والوفاء. إنهم ليسوا مجرد مجموعة بشرية استقرت على هذه الأرض، بل هم حكاية امتدت جذورها عبر أربعة قرون، حاملة معها إرثاً عربياً أصيلاً ودماءً هاشميةً زكية. أصل عشيرة الحسينات في الأردن هو رحلة شبه ملحمية، بدأت من رمال الحجاز الحارة قبل أربعمائة عام، وصولاً إلى مراعي جنوب العراق ووسطه، ثم استقراراً أخيراً في البادية الأردنية. إنهم عشيرة طائية المظهر، هاشمية الجوهر، اشتهروا بالشجاعة التي ترعب الأعداء، والكرم الذي يغيث الضعفاء، والتسامح الذي يلم الشمل، والإيثار الذي يضحي بالغالي والنفيس. لم يتخلوا يوماً عن موقف وطني أو قومي مشرف، فهم دوماً في الصفوف الأولى، حاملين راية العروبة والإسلام. فهم عشيرة ذات طابع أصيل عميقة الجذور في الأصالة العربية، تحمل في أنسابها لغزاً تاريخياً يربط بين أمراء طيء وأشراف بني هاشم، وتتجلى في حاضرهم قيم بدوية أصيلة لم تنل منها حداثة العصر. دعونا نغوص في أعماق تاريخ هذه العشيرة العظيمة لنكتشف أصل عشيرة الحسينات في الأردن، من الحجاز إلى ضفاف الفرات، وصولاً إلى جبال الأردن وهضابها.
لمن يرجع نسب عشيرة الحسينات
يبدأ البحث عن أصل عشيرة الحسينات في الأردن من تتبع شجرة النسب العريقة التي تحملها العشيرة بفخر. وفق الرواية الأكثر تداولاً والمحكية جيلاً بعد جيل، فإن نسب الحسينات يعود إلى الأمير الشريف الحسين بن شمس الدين مغير محمد بن حيار بن حسام الدين بن مهنا بن عيسى أبو ريشة بن مهنا الأول بن مانع بن حديثة بن عقبة بن فضل بن ربيعة بن حازم بن علي بن فرج. وهذه السلسلة الذهبية توصلهم في النهاية إلى عمرو بن الغوث بن طيء بن قحطان. هذا الانتماء الطائي القحطاني هو الهوية الظاهرة للعشيرة، وهو ما يفسر الطابع البدوي الأصيل والقيم العربية المتجذرة في سلوكهم وتقاليدهم.
لكن حكاية النسب لا تنتهي هنا. فهناك رواية أخرى، قوية ومتواترة، تنسج خيطاً آخر في نسيج أصل عشيرة الحسينات في الأردن. هذه الرواية تؤكد أن الحسينات في الأساس أشراف من نسل الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فهم إذن من بني هاشم من قريش من العدنانية. كيف الجمع بين النسب الطائي والنسب الهاشمي القرشي؟ يقدم التاريخ تفسيراً مقنعاً: يرجع نسب عشائر الحسينات إلى الحسنان من الظفير، والحسنان هم بالاساس أشراف. ويعتقد أن أحد أجدادهم الأشراف، في حقبة تاريخية غابرة، دخل في حلف أو موالاة مع قبيلة طيء القوية والعريقة. وكان من عادة القبائل العربية أن تنسب نفسها إلى القبيلة الحليفة أو الموالية لها، خاصة إذا طال العهد وعم الاستقرار تحت ظلها. وهكذا، أصبح النسب إلى طيء هو الغالب على الظاهر، مع احتفاظ العشيرة بوعيها الداخلي وبعض وثائقها بنسبها الهاشمي الشريف. هذا المزيج الفريد – طائي المظهر، هاشمي الجوهر – هو أحد السمات المميزة في أصل عشيرة الحسينات في الأردن، مما يضفي عليها هيبة تاريخية وروحية خاصة.
تاريخ عشيرة الحسينات وهجرتها
لم يكن استقرار الحسينات في الأردن حدثاً عابراً، بل كان محطة أخيرة في رحلة هجرة طويلة ومضنية، شكلت محوراً أساسياً في فهم أصل عشيرة الحسينات في الأردن. تشير المصادر العشائرية الموثوقة إلى أن الحسينات نزحت من أرض الحجاز قبل 400 سنة. أسباب هذه الهجرة الكبرى تتنوع بين البحث عن مراعٍ جديدة لمواشيهم، والهروب من ظروف قاسية أو نزاعات قبلية، أو ربما اتباعاً لمسارات القبائل العربية الكبرى التي كانت تتحرك في الجزيرة العربية آنذاك.
لم تكن وجهتهم الأردن مباشرة. فقد استقرت العشيرة أولاً في جنوب العراق وفي الفرات الأوسط، وهي مناطق معروفة بخصوبتها النسبية ووفرة مياهها مقارنة بصحاري نجد والحجاز. وامتد وجودهم ليشمل بغداد وديالى وبعض المناطق الغربية من العراق. لقد أمضى أجداد الحسينات قروناً في هذه المناطق العراقية، تاركين بصمتهم في تاريخها الاجتماعي والعشائري. لقد تشكلت شخصية العشيرة وقيمها وتراثها خلال هذه الحقبة العراقية الطويلة. تأقلموا مع بيئة الفرات، وبنوا علاقات مصاهرة وتحالف مع القبائل المجاورة، ومارسوا حياتهم البدوية وشبه البدوية، وربما شاركوا في الأحداث السياسية والعسكرية التي شهدتها تلك المنطقة المضطربة عبر العصور. هذا الاستقرار الطويل في العراق هو جزء حيوي من أصل عشيرة الحسينات في الأردن، فهو يفسر الكثير من التقاليد واللهجات والممارسات الاجتماعية التي حملوها معهم لاحقاً إلى ديارهم الجديدة.
أفخاذ عشيرة الحسينات
لا يمكن فهم أصل عشيرة الحسينات في الأردن دون الغوص في التركيبة الداخلية المعقدة والثرية للعشيرة. فالحسينات ليست كتلة واحدة متجانسة، بل هي اتحاد عشائري كبير، يشبه الدوائر المتداخلة، يتفرع إلى بطون وفخاذ وفصائل عديدة، لكل منها مكانتها وشيخها وتاريخها الخاص، ولكنها تلتقي جميعاً تحت راية النسب المشترك والهوية الواحدة. لقد حافظ هذا التركيب على تماسك العشيرة عبر القرون، ومكنها من الصمود في وجه التحديات. ومن أبرز عشائر الحسينات الرئيسية:
- عشيرة البو عظم: وهي من العشائر الكبيرة والمهمة، وتنقسم بدورها إلى عدة أفخاذ رئيسية:
- اللكاده: فخذ ذو حضور قوي.
- آل شمخي: يتميزون بتاريخ مشهود.
- طهماز: فخذ معروف بصموده.
- الرويد: يحملون تراثاً عريقاً.
- عشيرة البو فياض: وتعد أيضاً من العشائر الأساسية في اتحاد الحسينات، وتتشعب إلى:
- آل طلاب: ومنهم شخصيات بارزة مثل حسن آل طلاب الذي يذكر كأحد الرؤساء.
- آل علي: فخذ ذو جذور راسخة.
- آل سكر: معروفون بمكانتهم.
- آل ادبيس: يحافظون على تقاليد العشيرة.
- آل وهابي: لهم دورهم الاجتماعي المميز.
- عشيرة العليمين: وتتفرع إلى:
- آل جوهر: فخذ معروف.
- آل جنيح: لهم حضورهم الخاص.
- آل مونس: يحملون اسم جدهم المؤسس.
- عشيرة البوسوف: وتنقسم إلى عدة فصائل:
- آل هليل: فخذ رئيسي.
- آل بركة (فندة آل بركة): ورئيسهم ثامر العاجل.
- آل خليف (فندة آل خليف): ورئيسهم عبد الله سهيل.
- العصفورية (فندة العصفورية): ورئيسهم جعفر عبد الحسين آل لازم.
- عشيرة الدائرة (البريج سابقاً أو الدايرة): وهي عشيرة كبيرة وضخمة، حمائل كثيرة اكتملت في كيانها مقومات العشيرة لكثرتها وعدد نفوسها. وجاءت هذه التسمية لتواجد عشائرها بشكل دائرة على حدود محافظة ذي قار في العراق. وتتفرع الدائرة إلى عدد كبير من الفند (المفرد: فندة)، أهمها:
- الملحان (فندة الملجان): رئيسهم كميز غثيث.
- الجواسم (فندة الجواسم): رئيسهم محسن آل محمد حرامي، وحاجم آل خضير.
- الضحيين (فندة الضحيين): رئيسهم هلال آل عبد آل حمادي، ومحمد عبد آل شتام.
- العرجة (فندة العرجة): رئيسهم عبد الشهيد آل حسين.
- الكنازوة (فندة الكنازوة): رئيسهم مقداد حسين، وعبد الرضا حمدان.
- آل خلاطي (فندة آل خلاطي): رئيسهم حسين آل علي العثول.
- آل حبوش (فندة آل حبوش): رئيسهم جواد حاج راشد، ورزاق حاج محسن.
- آل جكنوم (فندة آل جكنوم): رئيسهم عبد العال عناية، والي سفر.
- آل خويبر (فندة آل خويبر): رئيسهم فرحان آل حسين، ومحسن آل سعيدان.
- آل جريو (فندة آل جريو): رئيسهم منشد آل باطي.
- آل زعيل (فندة آل زعيل): رئيسهم ضعين آل حزام.
- السادة الصوافي (فندة السادة الصوافي): رئيسهم سيد طالب عبد الحسين، وخزعل شمخي. (وهؤلاء يؤكدون النسب الهاشمي بشكل مباشر).
- عشيرة آل رعيد (فحذ آل رعيد): رئيسهم عباس رستم، وكاظم آل عليوي.
- عشيرة الدردوكيين (فخذ الدردوكيين): رئيسهم حاجم آل ثامر، ومطشر آل عنيد.
هذه البنية المعقدة والمترابطة تشهد على عراقة أصل عشيرة الحسينات في الأردن وقدرتها على التنظيم والحفاظ على تماسكها الاجتماعي عبر العصور، رغم تشعب فروعها وانتشارها الجغرافي الواسع سابقاً في العراق وحالياً في الأردن.
الاستقرار في الأردن: وطن جديد وجذور متأصلة
بعد قرون من الاستقرار النسبي في مناطق العراق المختلفة، شهدت بدايات القرن العشرين وخاصة في فترة ما بين الحربين العالميتين وما بعدهما، تحركات سكانية كبيرة في منطقة المشرق العربي. عوامل متعددة دفعت بأقسام كبيرة من عشيرة الحسينات للهجرة مرة أخرى، وهذه المرة باتجاه الغرب، نحو بادية الأردن. من بين هذه العوامل:
- الظروف الاقتصادية: البحث عن مراعٍ أفضل وموارد مائية أكثر وفرة في بادية الأردن مقارنة ببعض مناطق العراق التي شهدت جفافاً أو ضغطاً سكانياً.
- الاستقرار السياسي: مع تأسيس إمارة شرق الأردن تحت قيادة الأمير عبد الله بن الحسين، بدأت المنطقة تشهد درجة من الاستقرار الأمني جعلتها جاذبة للقبائل البدوية وشبه البدوية.
- الروابط القبلية والقرابة: وجود عشائر وقبائل أخرى ذات أنساب أو تحالفات قديمة مع الحسينات في الأردن، مما شجع على الهجرة والاستقرار قربهم.
استقرت عشائر الحسينات بشكل رئيسي في مناطق البادية الشرقية والجنوبية الشرقية من الأردن، خاصة في محافظات مثل المفرق والزرقاء ومعان. لقد اندمجوا بسرعة في النسيج الاجتماعي الأردني، حاملين معهم قيمهم البدوية الأصيلة من كرم وشجاعة ونخوة وإيثار، والتي تتقاطع بشكل كبير مع قيم المجتمع الأردني عمومًا والمجتمع البدوي خصوصًا. لقد أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من مشهد القبائل الأردنية العريقة، محافظين على هويتهم الحسيناتية المميزة داخل هذا الإطار الوطني الأوسع.
القيم والسمات: روح العشيرة الخالدة
يشكل أصل عشيرة الحسينات في الأردن أساساً لمجموعة قيم وصفات متأصلة، شكلت هويتهم وحددت علاقتهم ببعضهم وبالمجتمع المحيط. هذه السمات ليست مجرد كلمات، بل هي ممارسة يومية وتراث حي:
- الشجاعة والإقدام (الفزعة): عُرف عن فرسان الحسينات عبر تاريخهم شجاعتهم النادرة في ساحات الوغى. كانوا دوماً في مقدمة المدافعين عن حياضهم وشرفهم وشرف من يلوذ بهم. هذه الشجاعة تحولت في الزمن الحديث إلى روح المبادرة والدفاع عن الحق والمظلوم.
- الكرم والسخاء (الضيافة): الكرم ليس عادة عند الحسينات، بل هو فريضة وواجب مقدس. ديوانية العشيرة مفتوحة للضيف على مدار الساعة، وتقديم أفضل ما لديها للضيف هو قانون غير مكتوب. هذا الكرم جعل لهم مكانة كبيرة بين القبائل.
- التسامح والعفو (الصفح): رغم قوتهم وشجاعتهم، يؤمن الحسينات بأن العفو عند المقدرة سمة الأنقياء. يسعون دوماً للإصلاح بين المتخاصمين، ويقدّرون قيمة الصفح ونبذ الأحقاد، ما لم يُمس الشرف أو الدين.
- الإيثار والتضامن (العونة): روح التضامن الاجتماعي قوية جداً داخل العشيرة وفروعها. يقف الجميع مع بعضهم في السراء والضراء، في الأفراح والأتراح، وفي مواجهة المحن والمصاعب. “يد واحدة لا تصفق” مثل يُجسد هذه القيمة.
- الالتزام بالعرف والعادة (التقاليد): يحترم الحسينات عاداتهم وتقاليدهم البدوية الأصيلة، التي تنظم حياتهم الاجتماعية والاقتصادية وحتى حل النزاعات. هذه التقاليد هي إطار مرجعي يحافظ على تماسكهم وهويتهم.
- الوطنية والانتماء: رغم جذورهم التاريخية في الحجاز والعراق، فقد انتموا انتماءً كاملاً للأردن وترابه. كانوا ولا يزالون في طليعة المدافعين عن الوطن، مشاركين في جميع المحطات الوطنية بكل إخلاص وتفانٍ.
الرموز والقيادة: حكماء العشيرة وسادتها
لطالما تميزت إدارة شؤون عشيرة الحسينات بنظام مشيخة واضح، يقوم على اختيار الأكبر سناً والأحكم رأياً والأكثر حنكة وتجربة. من أشهر من تولى مشيخة العشيرة في العصور الحديثة:
- الشيخ عبد الكريم التويلي: أحد أبرز شيوخ الحسينات، عُرف بحكمته ودهائه السياسي وقدرته على قيادة العشيرة في فترات حرجة، وإدارة علاقاتها مع العشائر الأخرى ومع الدولة.
- الشيخ ملبس العواد: شيخ جليل، تميز بقوة الشخصية والعدل في فض النزاعات، وكان رمزاً للكرم والنخوة العشائرية الأصيلة.
- حسن آل طلاب: أحد رؤساء فخذ البوفياض، ومثل دوراً قيادياً مهماً داخل إطار العشيرة الكبير، وساهم في حل العديد من المعضلات العشائرية والاجتماعية.
هؤلاء الشيوخ، وغيرهم ممن تسلموا مسؤولية القيادة، لم يكونوا مجرد رؤساء، بل كانوا حكماء وقضاة ومصلحين اجتماعيين، يحافظون على تماسك النسيج العشائري، ويديرون شؤونه الداخلية، ويمثلونه أمام الآخرين، ويذودون عن حقوقه ومصالحه. ديوانية الشيخ هي محكمة العرف الأولى وملتقى العشيرة الدائم.
الحسينات اليوم: بين الأصالة والحداثة
يواجه أبناء عشيرة الحسينات في الأردن، كغيرهم من أبناء القبائل البدوية والعربية الأصيلة، تحدي الحفاظ على تراثهم وقيمهم في عصر العولمة والتحضر السريع. لقد ترك العديد منهم حياة البادية والرعي نحو حياة الاستقرار في المدن والقرى، والانخراط في التعليم بمستوياته المختلفة، وممارسة مهن حديثة في القطاعين العام والخاص.
- الحفاظ على الهوية: على الرغم من هذه التحولات، يبذل الحسينات جهوداً كبيرة للحفاظ على هويتهم العشائرية. فالأنساب محفوظة بدقة، والتاريخ الشفهي يُتناقل، والقيم الأساسية كالكرم والشجاعة والتضامن لا تزال راسخة. المهرجانات والمناسبات العشائرية والاجتماعية هي فرص لتجديد الروابط وإحياء التراث.
- الاندماج الوطني: اندمج أبناء الحسينات بشكل كامل في النسيج الوطني الأردني. نجد منهم الوزير والضابط والطبيب والمهندس والمعلم والطالب، يساهمون بفعالية في بناء وتطوير المملكة في جميع المجالات، حاملين معهم انتماءهم العشائري الأصيل كجزء من هويتهم الأردنية الشاملة.
- التحديات المعاصرة: يواجهون تحديات مشتركة مع المجتمع الأردني، مثل البطالة وغلاء المعيشة، بالإضافة لتحديات خاصة تتعلق بالحفاظ على الأراضي والمراعي التقليدية في ظل التوسع العمراني والزراعي، ومواكبة متطلبات العصر دون التفريط بالثوابت.
- استمرارية الدور: لا يزال نظام المشيخة والمجالس العشائرية يلعب دوراً مهماً في حل النزاعات المحلية (خاصة تلك التي تحكمها الأعراف) وفي التكافل الاجتماعي وتنظيم المناسبات، وإن كان هذا الدور يتكيف مع الأطر القانونية الحديثة للدولة.
الخاتمة: الحسينات.. إرث من الرمال يتجدد
إن البحث عن أصل عشيرة الحسينات في الأردن هو رحلة عبر الزمن تكتشف فيها عشيرة حملت في جيناتها دماءً هاشمية زكية، وارتبط اسمها بقبيلة طيء العريقة، وسطرت فصولاً مجيدة في ديار العراق قبل أن تجد موطئ قدم أخير ومستقر دائم تحت راية الهاشميين في الأردن. إنهم تجسيد حي للأصالة العربية بكل ما تحمله من شجاعة ترهب الأعداء، وكرم يغيث الضعفاء، وتسامح يلم الشمل، وإيثار يضحي بالغالي والنفيس.
لقد أثبت الحسينات، عبر رحلتهم الطويلة من الحجاز إلى الفرات إلى الأردن، قدرتهم على الصمود والتكيف مع الاحتفاظ بهويتهم المميزة. لقد أصبحوا جزءاً أصيلاً من النسيج الاجتماعي والسياسي الأردني، يساهمون في بنائه وتقدمه، حاملين معهم قيم أجدادهم كراية خفاقة. فهم ليسوا مجرد عشيرة مستقرة، بل هم حكاية استمرار، وإرث حي، وشاهد على قدرة القبيلة العربية على حمل تاريخها وقيمها عبر الحدود والقرون، لتزرعها من جديد في أرض الوطن الأردني، فتثمر ولاءً وانتماءً وإنجازاً. أصل عشيرة الحسينات في الأردن هو، في جوهره، قصة انتماء متجدد لوطن استقبلهم فأخلصوا له، واحتضن تراثهم فأغناه.
مواضيع ذات صلة: